تقرير منظمة العفو الدولية لعام 2007: الشرق الأوسط/شمال إفريقيا

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان by

ألقى الصراع المسلح وتركة الصراعات السابقة بظلالها على التطورات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2006 . فعلى مدار العام، ومع انخفاض الوجود العسكري الأجنبي، واصل العراق انحداره بلا هوادة في هوة الحرب الأهلية، بسبب زيادة انكشاف الصدوع السياسية والعرقية والدينية التي طال أمدها، في غمار أحداث عنف طائفية لا ترحم. وبحلول نهاية العام، كان البلد قد وقع في شرك أحداث القتل وغيرها من ضروب العنف، التي ترتكبها الجماعات السُّنيَّة والشيعية في المقام الأول، فباتت تمثل خطراً على استقرار المنطقة برمتها.

وما برح الصراع الطويل بين الإسرائيليين والفلسطينيين يحصد عدداً كبيراً من أرواح المدنيين، على الرغم من إقرار قطاع كبير من المجتمع الدولي بأن ذلك الصراع سبب رئيسي من أسباب زعزعة الاستقرار في ذلك المنطقة وخارجه. وكان الصراع الدائر منذ 40 عاماً دون حل قد دخل مرحلة جديدة بعد فوز حركة “حماس” في الانتخابات الفلسطينية، في يناير/كانون الثاني، متفوقةً بذلك على حركة “فتح”، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتسبب ما شنته إسرائيل من غارات جوية وقصف بالمدفعية في مقتل ما يربو على 650 فلسطينياً، معظمهم في قطاع غزة، وكان معظم تلك الهجمات في النصف الثاني من العام. كما سقط مزيد من القتلى الفلسطينيين، وكان معظمهم أيضاً في قطاع غزة، بسبب القتال الضروس بين أفراد الجماعات المسلحة المرتبطة بحركتي “حماس” و”فتح” المتنافستين. وفي غضون ذلك، استمر تدهور الأحوال الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين الذين يعيشون في كنف الاحتلال الإسرائيلي، مع مُضي إسرائيل قُدُماً في بناء المستوطنات وبناء جدار عازل يمتد 700 كيلومتر داخل الضفة الغربية، وكذلك استمرارها في زيادة أو تشديد ضروب الحصار والقيود التي تفرضها على تنقل الفلسطينيين، وفي احتجاز عائدات الضرائب الجمركية المستحقة للسلطة الفلسطينية.

وتفجرت العلاقة المتوترة بين إسرائيل والبلدان العربية فغدت صراعاً سافراً في يوليو/تموز، عندما أدى هجوم أفراد من الجناح العسكري “لحزب الله” على الجنود الإسرائيليين إلى حرب دارت رحاها 34 يوماً في إسرائيل ولبنان، وسقط فيها 1300 قتيل تقريباً قبل أن يبدأ سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي عُقد بعد مفاوضات دولية. وقد تحمل المدنيون من الطرفين العبء الأكبر من خسائر هذا الصراع، وخصوصاً في لبنان، حيث قُتل نحو 1200 شخص، من بينهم ما يزيد على 300 طفل، نتيجة الغارات الجوية والقصف المدفعي الإسرائيلي. ودُمر جانب كبير من مرافق البنية الأساسية في لبنان أو أصيب بأضرار. وبعد توقف القتال، استمر مقتل عدد من المدنيين أو إصابتهم بعاهات في جنوب لبنان، من جراء القنابل العنقودية الصغيرة، والتـي ألقت القوات الإسرائيلية نحو أربعة ملايين منها في تلك المنطقة في الأيام الأخيرة للحرب. وقد أبـدى مقاتلو إسرائيل و”حزب الله” استهانة واستهتاراً بأرواح المدنيين وارتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك جرائم حرب.

واستمر ازدياد التوتر بين إيران والمجتمع الدولي بسبب إصرار الحكومة الإيرانية على متابعة برنامجها لتخصيب اليورانيوم. وفي ديسمبر/كانون الأول، وافق مجلس الأمن الدولي على برنامج فرض العقوبات على إيران.

الإفلات من العقاب والمساءلة
كانت الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل حرباً دارت دون مساءلة. وعندما حل السلام لم يتخذ أي الطرفين أية خطوات لمساءلة الذين ارتكبوا جرائم حرب، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة أثناء الصراع، كما لم يفرض المجتمع الدولي ضغوطاً تذكر لإرغامهما على ذلك. إلا إن ذلك لا يدعو إلى الدهشة، فالواقع أنه يمثل نسقاً أوسع وأعرض للإفلات من العقاب ما زال راسخ الجذور في شتى أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

فقد مُنحت قوات الأمن في بلدان كثيرة ما يقرب من الحرية المطلقة في احتجاز وترهيب وتعذيب الخصوم السياسيين والمشتبه فيهم جنائياً. وكان تقاعس الحكومات التي تتبعها هذه القوات عن مساءلتها يشي باستعداد هذه الحكومات للتسامح عن هذه الانتهاكات أو قبولها. ففي الأردن وتونس وسوريا ومصر واليمن، كان المشتبه فيهم سياسياً والمشتبه في ممارستهم للإرهاب يُحاكمون أمام محاكم خاصة ومحاكم عسكرية. وكثيراً ما أُدينوا استناداً إلى اعترافات كانت مثار خلاف، وأصدر هذه الأحكام قضاة نادراً ما أبدوا أي ميل للتحقيق في الادعاءات القائلة إن المتهمين تعرضوا للتعذيب في الحجز قبل محاكمتهم. وكان المقصود بهذه المحاكم أن تقدم مظهراً خارجياً للشرعية. بيد أن النظم القائمة على الانتهاكات والتي تنتمي إليها – أي القائمة على الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي فترة مديدة، وعلى التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة، وعلى انتزاع الاعترافات – كانت نظماً فاسدة في جوهرها. فقد أصدرت أحكاماً بالإدانة، وعقوبات بالسجن مدداً طويلة، بل وأحكاماً بالإعدام في بعض الحالات، ولكنها لم تحقق العدالة.

وكان الإفلات من العقاب بمثابة “الشعار” في الجزائر، التي مرت خلال تسعينيات القرن الماضي بصراع داخلي تشير التقديرات إلى أنه حصد من الأرواح زهاء 200 ألف شخص، ولقي كثيرون منهم حتفهم على أيدي الجماعات المسلحة أو قوات الأمن الحكومية، وتعرض آلاف آخرون للتعذيب في الحجز أو كانوا من ضحايا الاختفاء القسري بعد القبض عليهم. وظل مرتكبو هذه الجرائم من الأفراد مجهولين في معظم الحالات، وبرزت في عام 2006 أدلة جديدة على أن السلطات الجزائرية تريد إبقاء الحال على ما هو عليه. إذ أصدرت حكومة الرئيس بوتفليقة تدابير عفو لإضفاء الحصانة القانونية على أفراد الجماعات المسلحة، وقوات الأمن الذين ارتكبوا انتهاكات خطيرة وعلى ساداتهم السياسيين. وتقرر في الوقت نفسه تجريم اتهام قوات الأمن بانتهاك حقوق الإنسان، وهو ما يجعل من المحتمل الزج في السجن بالناجين من تلك الانتهاكات إذا طالبوا بإقامة العدل.

وفي المغرب المجاورة للجزائر، استمرت الحكومة في تصديها المباشر لبعض مظالم الماضي. إذ كلف الملك محمد السادس “المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان” بمتابعة العمل الريادي الذي نهضت به “هيئة الإنصاف والمصالحة” من قبل، حيث أجرت تحقيقات بخصوص حالات الاختفاء القسري، وغيرها من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ارتُكبت في الفترة من عام 1956 إلى عام 1999 . وبدأ المجلس في إبلاغ بعض الأُسَر بنتائج التحقيق، ولكن التقدم اتسم بالبطء المخيب للآمال، وإن كان الهدف من هذه العملية مقصوراً على التوصل إلى الحقيقة ونشرها، لا تحقيق المساءلة وإحقاق العدالة.

وفي العراق، حُوكم الرئيس السابق صدام حسين مع سبعة آخرين بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، فيما يتصل بقتل 148 شخصاً من بلدة الدجيل، في أعقاب محاولة لاغتيال صدام حسين في عام 1982 . وأُعلن أن المحاكمة سوف تكون درساً في المساءلة، وكان من الواجب أن تكون كذلك، ولكن الواقع يقطع بأن المحاكمة كانت جائرة، وأدى التدخل السياسي إلى تقويضها. كانت نتيجتها أمراً مفروغاً منه، إذ اقتصر عمل غرفة الاستئناف تقريباً على المصادقة العمياء على الأحكام، ومن ثم حُكم بالإعدام على صدام حسين، ونُفذ فيه الحكم في ديسمبر/كانون الأول. وقد مثلت المحاكمة فرصة سانحة لفتح صفحة جديدة في تاريخ العراق وإقامة المساءلة من خلال العدالة ودون اللجوء إلى عقوبة الإعدام. ولكن الفرصة ضاعت

الإرهاب والتعذيب
استمر انتشار التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في عدة بلدان في المنطقة، بما في ذلك الأردن وإيران والجزائر والعراق ومصر. ووردت أنباء مثل هذه الانتهاكات أيضاً من تونس وسوريا والكويت وليبيا والمغرب المملكة العربية السعودية واليمن.

واستمر حرص الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض حلفائها الأوربيين، على التعاون مع السلطات الجزائرية في “الحرب على الإرهاب”، على الرغم من تدابير العفو الشائنة وسجل حقوق الإنسان المعيب في الجزائر. وسعت حكومة المملكة المتحدة دون جدوى إلى الحصول على “مذكرات تفاهم”، مثل تلك التي أبرمتها من قبل مع الأردن ولبنان وليبيا، والتي تسمح بإعادة المشتبه في صلتهم بالإرهاب قسراً ودون محاكمة من المملكة المتحدة، على الرغم من تعرضهم لخطر التعذيب. وعكست هذه الاتفاقات، التي لا تستند إلى القانون بل إلى مجرد “تأكيدات دبلوماسية” بأن الشخص العائد لن يتعرض للتعذيب أو الإعدام، استعداد الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية للعمل بجد على تقويض بعض الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان، والتي كانت قد ساعدت بنفسها في وضعها من قبل، وطالما أعلنت ولاءها لها.

أما الرمزان الأساسيان لنمط التقويض المذكور فكانا المعتقل الأمريكي في خليج غوانتنامو في كوبا، ومعظم السجناء فيه ينتمون إلى بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ وكذلك عمليات “الترحيل الاستثنائي” السرية للمشتبه في أنهم إرهابيون، وهي عمليات نفذتها الحكومة الأمريكية بتواطؤ من عدد من الحكومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وشيئاً فشيئاً استمر ظهور المعلومات الخاصة بهذه المؤامرة الخفية المتعددة الأطراف، والمتمثلة في اعتقال المشتبه في أنهم إرهابيون سراً، والتحقيق معهم في السر كذلك ثم نقلهم دون وجه حق من بلد لآخر. وبرهنت هذه العمليات التعاون الوثيق بين أجهزة الأمن والاستخبارات في الأردن وسوريا ومصر وغيرها ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وقد قال ثلاثة من اليمنيين، الذين أُطلق سراحهم بعد ما يزيد على عام من عودتهم إلى اليمن من الحجز الأمريكي، إنهم سُجنوا فترات طويلة في أماكن مجهولة باعتبارهم من المشتبه بهم في سياق “الحرب على الإرهاب” التي تشنها الولايات المتحدة. وأُعيد آخرون من المشتبه فيهم، على غـرار هؤلاء، إلى أوطانهم في الكويت وليبيا والمملكة العربية السعودية والمغرب واليمن ودول أخرى، بعد قضاء سنوات في معتقل خليج غوانتنامو، وأطلق سراح البعض في وقت لاحق، بينما وُجِّهَت إلى البعض الآخر تهم بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب في بلدانهم الأصلية.

وواصلت القوات المتعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في العراق احتجاز الآلاف من المعتقلين دون تهمة أو محاكمة، وإن كانت قد أطلقت سراح البعض على دفعات، بين الحين والحين، على مدار العام. وبعد انكشاف فضيحة التعذيب وغيره من الانتهاكات في سجن أبو غريب عام 2004، انصب أعمق القلق على محنة المحتجزين لدى الشرطة العراقية وغيرها من قوات الأمن العراقية، وبعض وحدات هذه القوات مجندة بصفة رئيسية من أنصار الجماعات الشيعية المسلحة. واستمر ورود أنباء عن تعرض المعتقلين الذين تحتجزهم بعض هذه القوات للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ولم تُظهر السلطات العراقية حماساً يُذكر لإجراء تحقيق فيما حدث أو لاتخاذ إجراء ضد من أساءوا إلى السجناء.

حقوق المرأة
ظلت المرأة في شتى أرجاء المنطقة في مرتبة ثانوية، من الناحية القانونية والسياسية وفي الواقع العملي، إذ استمرت سيادة الثقافة الوطيدة الخاصة بالتمييز بين الجنسين. ومع ذلك، فقد شهد العام بعض مظاهر التقدم التي شجعت الحركة المتنامية لحقوق المرأة.

ففي الكويت، شاركت المرأة لأول مرة في الانتخابات العامة، وفي البحرين ترشحت 18 سيدة في انتخابات مجلس النواب، وإن لم تنجح إلا واحدة فقط. وأعلنت الحكومة المغربية أنها سوف تلغي تحفظاتها على “اتفاقية المرأة”، واتخذت خطوات لدعم القوانين الخاصة بالعنف في محيط الأسرة، كما انضمت عُمان إلى “اتفاقية المرأة”. وشهدت المملكة العربية السعودية اتخاذ خطوات لإنشاء محكمة خاصة للنظر في قضايا العنف في محيط الأسرة، ولكن المرأة ظلت تواجه أشكالاً سائدة للتمييز، من بينها القيود الصارمة المفروضة على حريتها في التنقل.

ومثَّلت هذه الخطوات وغيرها تقدماً، ولكنه تقدم ضئيل وغير ثابت، مما يبين أنه ما زال هناك الكثير الذي يتعين عمله حتى تتحقق فعلاً وبصورة عملية فكرة حقوق المرأة. واستمر وقوع حالات “القتل بدافع الشرف” في الأردن والأراضي الخاضعة لولاية السلطة الفلسطينية والعراق وسوريا وغيرها من الدول التي استفاد مرتكبو الجرائم فيها من القوانين التي تُهَوِّنُ من شأن تلك الجرائم. ولم تكن المرأة في شتى أرجاء المنطقة تتمتع بالحماية الكافية من أشكال العنف الأخرى في محيط الأسرة. كما وردت أنباء تدعو للقلق عن الاتجار بالنساء في عُمان وقطر وغيرهما من الدول.

وفي إيران أفتى “مجلس أمناء الدستور”، وجميع أعضائه من الذكور، بعدم جواز ترشيح ما لا يقل عن 12 امرأة كن يردن ترشيح أنفسهن في انتخابات “مجلس الخبراء”، وهو مجلس يضطلع باختصاصات مهمة. وفرَّقت قوات الأمن باستخدام العنف متظاهرات كن يطالبن بوضع حد للتمييز في القانون ضد المرأة. إلا إن ذلك لم يفت على الإطلاق في عضد المناضلات في سبيل حقوق المرأة في ذلك البلد، اللاتي أثبتن ما يتمتعن به من قوة ومرونة، فقمن بحملة على مستوى إيران لجمع مليون توقيع تأييداً لمطلبهن بإنهاء التمييز في القانون ضد المرأة.

التمييز
كان التمييز على أساس الدين والانتماء العرقي والميل الجنسي وغير ذلك شائعاً في عدد من البلدان في المنطقة، بينما أدت النزعات الطائفية الدينية في الصراع في العراق إلى إثارة التوترات بين السُّنَّة والشيعة. وفي إيران، أبدى أفراد الأقليات العربية والأذربيجانية والكردية والبلوشية قلقاً متزايداً في مواجهة استمرار التمييز والقمع، وتعرض أبناء الأقليات الدينية، مثل البهائيين وأتباع فرقة “نعمة الله” الصوفية والمسيحيين، للاحتجاز أو المضايقة بسبب عقائدهم. وتعرض البهائيون في مصر للتمييز أيضاً، عندما أُلزموا بأن يعلنوا انتماءهم إلى أديان أخرى حتى يحصلوا على الوثائق الرسمية مثل بطاقات الهوية وشهادات الميلاد. كما استمر التمييز في سوريا ضد الأقلية الكردية، إذ أُعلن أن الآلاف من الأكراد السوريين في الواقع لا يحملون أية جنسية، ومن ثم حُرموا من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية الأساسية. وفي قطر، لم تُحل بعد حالات نحو ألفين من الأشخاص الذي نُزعت منهم الجنسية في السنوات السابقة.

وفرضت السلطات الإسرائيلية المزيد من التدابير التي تنطوي على تمييز ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي، بما في ذلك تعزيز نظام العزل في الطرق وإنشاء نقاط التفتيش لصالح المستوطنين الإسرائيليين المقيمين في الأراضي المحتلة.

اللاجئون وطالبو اللجوء والمهاجرون
لم يكن مما يدعو للدهشة أن يؤدي الصراع في العراق والحرب بين “حزب الله” والقوات الإسرائيلية إلى انتشار النزوح الداخلي على نطاق واسع، وإلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين على البلدان المجاورة. ففي إسرائيل ولبنان، عاد معظم النازحين إلى قراهم وأحيائهم السكنية بمجرد توقف القتال، وإن كان كثير من اللبنانيين قد عادوا ليجدوا أن مساكنهم قد هدمت، وأن حقولهم وبساتينهم ملوثة بقنابل عنقودية صغيرة لم تنفجر. وكان نحو 200 ألف لبناني آخر لا يزالون نازحين بحلول نهاية العام. وقد استوعبت سوريا، مع الأردن، معظم اللاجئين الذين فروا من وجه العنف في العراق، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف مليون عراقي قد نزحوا إلى سوريا بحلول نهاية عام 2006 . وكان في لبنان نحو 300 ألف لاجئ فلسطيني، ومعظمهم من الذين فروا من الأحداث التي أحاطت بإنشاء دولة إسرائيل والحرب بين العرب وإسرائيل في عام 1948، وهم يعيشون حياة تتسم بعدم الاستقرار، إذ تحتمل السلطات اللبنانية وجودهم ولكنها لا تقبلهم القبول الكامل، إذ لا تزال تحرمهم من بعض الحقوق الأساسية أو تحد من تمتعهم بها.

وفي شمال إفريقيا، ظل اللاجئون والمهاجرون من البلدان التي تقع إلى الجنوب، والذين يسعى كثيرون منهم لدخول دول الاتحاد الأوروبي، عرضةً للاحتجاز والإبعاد الفوري على أيدي قوات الأمن في المغرب والجزائر وليبيا. وقد قتلت قوات الأمن ثلاثة مهاجرين آخرين على سور الحدود المقام بين المغرب وجيب مليلية في إسبانيا. كما أبعدت الشرطة المغربية بعض اللاجئين المعترف بهم، وتعرضوا في غضون ذلك للإهانة والنهب، حسبما زُعم. وأعلنت السلطات في ليبيا أنها قد زادت من عدد المهاجرين الذين أُبعدوا إلى عشرة أضعاف عدد المبعدين في عام 2004 .

وفي منطقة الخليج وغيرها، تعرض العمال الأجانب لانتهاك حقوقهم وسط مزيج من نقص الحماية القانونية، واستغلال أصحاب العمل، ورضا الحكومة عما يحدث. ومع ذلك، صدر في الكويت، حيث ترددت شكاوى من معاملة مواطني جنوب آسيا والفلبين، قانون جديد يهدف إلى إتاحة بعض الحماية للعمال الأجانب من خدم المنازل، وأعلنت الحكومة في دولة الإمارات العربية المتحدة اتخاذ تدابير جديد لتحسين أحوال المعيشة وأحوال العمل للعمال الأجانب. وفي عُمان، أقر القانون للمرة الأولى بحق العمال في تكوين نقابات، ولو أنه استبعد خدم المنازل.

عقوبة الإعدام
طبقت هذه العقوبة، التي تمثل أقصى صنوف العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة، على نطاق واسع في شتى أرجاء المنطقة، وإن كانت تونس والجزائر والمغرب لا تزال تمتنع عن تنفيذ أحكام الإعدام. ففي إيران، أُعدم ما لا يقل عن 177 شخصاً، كان من بينهم شخص قاصر، وما لا يقل عن ثلاثة آخرين ارتكبوا جرائهم وهم قُصَّر. وأُعدم في المملكة العربية السعودية 39 شخصاً على الأقل، معظمهم من الأجانب. ونفذت البحرين حكم الإعدام في ثلاثة أشخاص، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1995، وكان الذين أُعدموا من الأجانب أيضاً. وكان إعدام صدام حسين في آخر أيام العام حدثاً بالغ الدلالة ومثيراً للجدل، بسبب توقيته، وطابع البشاعة والمهانة الذي صاحبه، وانتشار الإحساس داخل المنطقة وخارجها بأن ذلك لم يكن يمثل إلا “عدالة المنتصر” وعملاً انتقامياً، لا صلة له بالعدالة الحقة أو المحاسبة الفعلية.

الاختلاف والمعارضة
ظلت الحدود المتاحة للاختلاف والمعارضة بالغة الضيق في معظم مناطق المنطقة بسبب موقف الحكومات التي لا تحتمل المعارضة، وموقف قوى أخرى تحرص على فرض هيمنتها على أية مناقشة. وكانت أجهزة الإعلام في معظم بلدان المنطقة تمارس عملها في ظل قيود صارمة، وفي ظل التهديد برفع الدعوى الجنائية إن هي أساءت إلى القادة أو المسؤولين الحكوميين أو أهانتهم. وقد حُوكم بعض الصحفيين بموجب قوانين التشهير في الجزائر ومصر والمغرب، واستمر إغلاق بعض الصحف واعتقال الصحفيين والإساءة إليهم في إيران. كما امتدت سيطرة الدولة إلى استخدام الإنترنت. ففي البحرين، حظرت الحكومة عدة مواقع على الإنترنت، وحجبت السلطات السورية بعض المواقع التي تقدم أخباراً أو تعليقات عن سوريا. وفي إيران ومصر، قُبض على بعض المدونين الذين انتقدوا السلطات.

وأدى نشر رسوم كاريكاتورية، تسيء إلى مشاعر كثير من المسلمين، في إحدى الصحف الدانمركية إلى ردود فعل عنيفة، ورفعت قضايا على بعض رؤساء تحرير الصحف والصحفيين في الأردن ولبنان واليمن بسبب إعادة نشرها. وفي وقت لاحق، تسبب الرئيس الإيراني في الإساءة إلى المشاعر أيضاً حين أعلن تشككه في واقعة الإبادة النازية لليهود (الهولوكوست). ومع ذلك، سارعت السلطات الإيرانية بإغلاق صحيفة “إيران” بعد أن نشرت رسماً كاريكاتورياً وُجد أنه يسيء إلى مشاعر الأقلية الأذربيجانية في البلاد.

وواصل المدافعون عن حقوق الإنسان دعوتهم إلى التسامح في مواجهة التعصب، وإلى حرية التعبير والحق في الاختلاف والمعارضة، على الرغم من المضايقة والترهيب، والتهديد بالاعتقال ورفع الدعاوى القضائية. وقد نهضوا بعملهم هذا معرضين أنفسهم للخطر، بصفة خاصة، في إيران وتونس وسوريا والصحراء الغربية، وإن كانوا قد واجهوا التهديدات والترهيب في بلدان أخرى، من بينها الجزائر ولبنان.

*الرابط الأصلي للتقرير:
http://thereport.amnesty.org/ara/Regions/Middle-East-and-North-Africa

 

Share this Post