بعد رفض إنشاء 12 حزبا جديدًا؛ لابد من إلغاء قانون ولجنة قتل الأحزاب السياسية في مصر

In برنامج مصر ..خارطة الطريق by CIHRS

أسدلت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة الستار على الدعاوى القضائية الخاصة بتأسيس 12 حزبا سياسيا، بإعلانها رفض الطعون المقدمة من طالبي تأسيس هذه الأحزاب على قرارات لجنة شئون الأحزاب سيئة السمعة، التي انتهت كعادتها إلى رفض الترخيص لهذه الأحزاب. وتضم هذه الأحزاب حزب “الوسط الجديد” الذي يتوالى رفض طلب تأسيسه للمرة الرابعة على مدى أحد عشر عاما، علاوة على حزب “الكرامة” الذي أعلن عن نفسه قبل نحو سبع سنوات.
وقد استندت المحكمة في رفضها لطعون الأحزاب إلى عدم استيفاء الأحزاب الطاعنة لشروط التأسيس التي تضمنها قانون الأحزاب – بعد تعديله في عام 2005 خلال نظر القضية – والتي رفعت الحد الأدنى لعدد مؤسسي أي حزب جديد إلى 20 ضعفا (من 50 إلى 1000 في عشر محافظات). كما اعتبرت المحكمة أن الطعن المقدم من طالبي تأسيس حزب الكرامة قد رفع بعد انتهاء المهلة المحددة للطاعنين، وفقا لقانون الأحزاب، وهو ما نفاه دفاع الطاعنين.
وبالنظر إلى أن القانون يحرم الأحزاب من الحق في الطعن على الحكم، لأن الدعاوى القضائية المتعلقة بالأحزاب لا تنظر على درجتين، فإن طالبي التأسيس ليس أمامهم سوى العودة للمربع الأول, والانتظار عدة سنوات أخرى، وذلك بالتقدم بطلب جديد للجنة شئون الأحزاب السياسية، التي عمد المشرع لأن يؤمن سيطرة الحزب الحاكم على تشكيلها, أي بمنح الحزب الحاكم الكلمة العليا في اختيار منافسيه أو الحكم عليهم بالموت! ومن ثم من المنطقي أن تقوم ” مقصلة ” لجنة شئون الأحزاب السياسية منذ إنشائها عام 1977 بحجب الترخيص عن أكثر من 60 حزبا، وأن تحصل معظم الأحزاب المرخص لها على حقها في الوجود عبر أحكام القضاء، وأن تؤول الخارطة الحزبية إلى أحزاب، أغلبها لا وجود له خارج ملفات لجنة الأحزاب، بفعل الشروط الخانقة التي يحفل بها القانون والدور التحكمى للجنة، والتي تقود عمليا إلى إقصاء الأحزاب الجادة المحتملة من الحياة السياسية.
ودون الدخول في الجدل حول الأسس القانونية والإجرائية التي بنت عليها المحكمة قرارها برفض الترخيص للأحزاب الجديدة، فإن مركز القاهرة يرى في هذا التطور رسالة واضحة مؤداها استمرار تكريس الهيمنة للحزب الحاكم الذي ترعاه مؤسسات الدولة، وإغلاق الساحة أمام أية أحزاب سياسية منافسة. فضلا عن كونه مؤشرا بالغ الدلالة على هزال دعاوى الإصلاح السياسي، وحقيقة الزعم بأن التعديلات الدستورية المزمع إجرائها خلال الشهور القادمة تستهدف تعزيز التعددية الحزبية والمشاركة السياسية والتطور الديمقراطي.
لقد سبق لمركز القاهرة أن تبنى الدعوى إلى إلغاء قانون الأحزاب السياسية، والدفع باتجاه قانون ديمقراطي يعيد الاعتبار لحرية تكوين الأحزاب*, ويلغي كافة القيود التي تصادر الحق في التنظيم وإطلاق حرية إنشاء الأحزاب السياسية، وفقا للمعايير والضوابط المتعارف عليها في المجتمعات الديمقراطية. ويحذر مركز القاهرة في هذا السياق من أن استمرار المراوغة والمصادرة الفعلية لحق التنظيم السلمي العلني هو بمثابة دعوة ضمنية للخروج عن إطار القانون والشرعية.
ويعيد المركز في هذا الإطار الدعوة لمختلف القوى والجماعات المتطلعة للديمقراطية للضغط من أجل قانون جديد للأحزاب ينطلق من الأسس التالية:
– اعتماد مبدأ الإخطار بديلا عن الترخيص المسبق والرقابة المسبقة على تأسيس الأحزاب، وإلغاء دور لجنة شئون الأحزاب السياسية.
– رفض أية قيود على تشكيل الأحزاب, باستثناء تلك التي تحمي مقومات المجتمع الديمقراطي، وتشمل حظر الأحزاب التي تقوم على التمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس، أو التي تستخدم العنف لتحقيق أهدافها.
– أن يكون القضاء الطبيعي وحده هو جهة الاختصاص، وأن يكفل حق التقاضي على درجتين في نظر أية دعاوى تتعلق بالأحزاب؛ ومن ثم ينبغي إعادة النظر في دور “محكمة الأحزاب” ذات الطابع الاستثنائي، والتي تضم في تشكيلها عددا من الشخصيات العامة، بالمخالفة لمبادئ استقلال القضاء وضمانات الحيدة.
– أن يكون للشعب وحده الحكم على فاعلية أي حزب وجدارته بالاستمرار –إما بالالتفاف حوله أو الانفضاض عنه- وهو ما يقتضي قطيعة نهائية مع كافة الشروط التحكمية المبتدعة, مثل اشتراط “تميز” برنامج الحزب! بحيث يشكل إضافة للحياة السياسية!

 

Share this Post