تطالب منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، حكومة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بإلغاء كافة أحكام الإعدام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، بحق 44 مواطن يمني، والإفراج فورًا عنهم، وإسقاط التهم الموجهة إليهم بالتخابر مع التحالف بقيادة السعودية والإمارات، في محاكمة جائرة لم تحترم أدنى معايير حقوق الدفاع.
كان 11 يمنيًا من بين الـ 44 شخصًا المحكوم عليهم بالإعدام قد تعرضوا للإخفاء القسري -حسب مواطنة- وتم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي في شهر أبريل/نيسان 2020، لمدد تتراوح بين 5 إلى 7 أشهر. ولم تنجح أسر المختفيين في معرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم طوال هذه الفترة، لحين تم إبلاغهم لاحقًا أن ذويهم محتجزون بمقر الأمن والمخابرات في صنعاء.
يقول شقيق أحد المحتجزين: «أثناء اعتقال جماعة مسلحة بلباس مدني لأخي، كانوا يصرخون في وجهه (يا داعشي) وأجبروه على ركوب سيارة تقف في الجهة المعاكسة للشارع». ويتابع قائلًا: «عرفنا فيما بعد أن المختطفين من جماعة أنصار الله الحوثيين، وأن حملة اعتقالات مشابهة قد نالت من آخرين في الحي نفسه. ولم نسأل عنه بالطبع في الدوائر الحكومية لأننا نعرف أننا سنتعرض للابتزاز المادي مثلما حدث مع أهالي محتجزين آخرين».
وحسبما أكد محامي المجموعة، شابت كافة إجراءات القبض والاحتجاز والمحاكمة خروقات عديدة، تطعن في صحة الأحكام الصادرة عن هذه المحاكمة، فضلًا عن غياب الأدلة على الاتهامات، ومخالفة كافة ضمانات وحقوق الدفاع في محاكمة عادلة؛ إذ تعرض المتهمين للإخفاء القسري غير القانوني خلال فترة احتجازهم. وانفردت النيابة (الادعاء) طوال إجراءات المحاكمة بالمرافعة، بينما لم يتمكن المتهمين من حقهم في الدفاع. وعلى النحو المتبع مؤخرًا في العديد من القضايا السياسية؛ تم النطق بالحكم على الهاتف، دون قرائن أو مسودة تشرح أٍسباب الحكم بخط القاضي. الأمر الذي يعلق عليه محامي المتهمين قائلا: «قراءة القاضي لمنطوق الحكم عبر الهاتف يثير الشك والريبة من احتمالية صدور هذه الأحكام وصياغاتها من جهة أخرى غير المحكمة، بينما يتولى القاضي فقط تلاوتها مباشرة عبر الهاتف، على نحو يعزز المخاوف من تحول المحكمة الجزائية لجهة سياسية لا قضائية».
تقول رضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة: «منذ استيلاء جماعة أنصار الله الحوثيين على السلطة، تستخدم الجماعة المحكمة الجزائية المتخصصة كسلاح قمع وتنكيل ممنهج، في عصف تام بالإجراءات القانونية وتعارض صارخ مع ضمانات المحاكمة العادلة المكفولة وطنيًا ودوليًا».
كانت جماعة أنصار الله(الحوثيين) قد نفذت حكم الإعدام بحق 9 يمنيين في 18 سبتمبر/أيلول 2021، بناء على حكم المحكمة الجزائية المتخصصة، في محاكمة افتقرت للحد الأدنى من شروط المحاكمة العادلة. بينما أفرجت، في عملية تبادل للمحتجزين مع الحكومة المعترف بها دوليًا، عن الصحفيين الأربعة؛ أكرم الوليدي، عبد الخالق عمران، حارث حميد، وتوفيق المنصوري، بعد أن كانت المحكمة نفسها قد أصدرت بحقهم أحكام إعدام جائرة.
تستخدم جماعة أنصار الله (الحوثيين)، المحكمة الجزائية المتخصصة وأحكام الإعدام في الصراع الدائر في اليمن كأداة من أدوات التنكيل والقمع وتحقيق المصالح السياسية ومصالح الجماعة. فمعظم أحكام الإعدام الصادرة عنها تقترن بحكم بمصادرة أموال وممتلكات المتهمين. الأمر الذي يعزز مكاسب الجماعة المرجوة من مثل هذه الأحكام بحق خصومها السياسيين، وتوظيف هذه الأحكام كوسيلة ترهيب لإحكام السيطرة في المناطق الخاضعة لها، لضمان تكميم الأفواه، والقضاء على أي نوع من أنواع المعارضة السلمية.
وفي سياق متصل، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة مؤخرًا، في أول يونيو/حزيران 2024، حكمًا بالإعدام ومصادرة الأموال والممتلكات بحق المواطن، عدنان الحرازي (51 عاما)، مدير ومؤسس شركة برودجي، التي تعمل منذ عام 2006 في المجال التقني والرقابة والتقييم، كجهة مستقلة للأعمال الإغاثية المنفذة من المنظمات ووكالات الأمم المتحدة. وقد تم اتهام الحرازي بـ «الاشتراك في اتفاق جنائي مع من يعملون لمصلحة العدوان السعودي الإماراتي، والسعي والتخابر لدى دولة أجنبية في حالة حرب مع اليمن هي الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، والتعاقد مع منظمات دولية وهيئات حكومية (منظمة مايسترال الأمريكية والبنك الدولي والمجلس الثقافي البريطاني وجامعة ماسترخت الهولندية) تتبع هذه الدول».
تقول آمنة القلالي، مديرة البحوث في مركز القاهرة: «لقد أصبحت تهمة التخابر الأداة المفضلة لدى جماعة الحوثيين لتصفية معارضيهم، أو لإحكام سيطرتهم على مناطق نفوذهم. هذا الانتهاك الخطير لن يتوقف ما لم يتم فتح تحقيق عاجل مستقل ودولي في الجرائم المرتكبة، ووقف الزج بالمحاكم والقضاء في الخصومات السياسية، وضمان استقلالية القضاء بشكل تام».
وفي هذا السياق يؤكد خالد إبراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج: «فيما ندين هذه الأحكام الجائرة الصادرة عن محكمة تفتقر للمعايير الدنيا للمحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة، نتمسك بمطلبنا بضرورة وسرعة إلغاء هذه الأحكام بالإعدام ووقف تنفيذها وتعويض المتهمين عما لحق بهم من أضرار نفسية وجسدية ومادية طوال فترة الإخفاء والاحتجاز والمحاكمة».
المنظمات الثلاثة المنظمة لهذا البيان (مواطنة ومركز القاهرة ومركز الخليج) تطالب جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بإلغاء كافة أحكام الإعدام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة، والتوقف عن توظيف المحكمة في الاعتداء المستمر على الحق في الحياة وتسيس القضاء والتعدي على استقلاليته. كما تطالب بالتوقف عن ارتكاب مثل هذه الممارسات التي تسعى لفرض السيطرة والتنكيل بالمواطنين الأبرياء وترويعهم. وتؤكد على ضرورة إجراء إصلاحات عاجلة في منظومة القضاء الخاضع لسيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لضمان استعادة المؤسسات القضائية قدرتها على إجراء محاكمات عادلة والفصل التام بين مؤسسة القضاء والأغراض السياسية ومراكز النفوذ، ليصبح مستقلًا وعادلًا.
Share this Post