يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في ختام الجلسة 56 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عن قلقه العميق إزاء تنامي التخلي عن ضحايا الانتهاكات الجسيمة واسعة النطاق لحقوق الإنسان في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم بأسره، فضلاً عن استمرار الهجمات ضد المعايير العالمية لحقوق الإنسان في المجلس.
يقول جيريمي سميث مدير مكتب مركز القاهرة في جنيف: “شهدنا في هذه الجلسة الحكومة الليبية والمجموعة الأفريقية تطرحان قرارًا مخزيًا يهنئ السلطات الليبية على التقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان! بينما يتجاهل تمامًا الفظائع والانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان التي لا تزال تُرتكب بحق الليبيين والمهاجرين الأفارقة من قبل هذه الحكومة والجهات الفاعلة التابعة لها“.
وكان مركز القاهرة في بيان شفهي أمام المجلس خلال هذه الجلسة قد أدان فشل هذا القرار الخاص بليبيا في معالجة الحاجة الملحة لإنهاء الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق، وتجاهله النتائج التي خلصت لها البعثة الأممية المستقلة السابقة لتقصي الحقائق في ليبيا، والتي وثقت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تورطت فيها قوات أمن الدولة وجماعات الميليشيات المسلحة. كما تجاهل الحاجة الملحة والمطلب المتجدد بتشكيل آلية تحقيق دولية مستقلة في هذه الجرائم. القرار تجاهل أيضًا حملات القمع المستمرة للمجتمع المدني في ليبيا، والاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والاختطاف وفرض الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي والمضايقات وغيرها من أشكال الترهيب. وفي ندوة عامة على هامش الجلسة، دعت منظمات ليبية وإقليمية ودولية، بينهم مركز القاهرة، إلى إعادة فتح تحقيق دولي بشأن الجرائم المرتكبة والمستمرة في ليبيا.
وفي هذه الجلسة أيضًا، تقاعس مجلس حقوق الإنسان عن اتخاذ إجراءات كافية لحماية ضحايا جرائم العنف والإبادة الجماعية في السودان وغزة، كما التزم الصمت إزاء الأوضاع الحقوقية الحرجة في مصر والمملكة العربية السعودية واليمن، فضلاً عن تجاهل بعض أزمات حقوق الإنسان الأخرى في جميع أنحاء العالم. كما شهدت الجلسة محاولات عديدة لتقويض عالمية الإطار الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك بذل جهود متضافرة لتخفيف اللغة في القرارات المتعلقة بحقوق النساء والفتيات، وضمان إضعاف تطبيق المعايير الخاصة بالاحتجاجات السلمية خاصة في مناطق الصراع. وفي بيان مشترك بين عدد من المنظمات غير الحكومية، منها المركز، أعربت المنظمات عن أسفها العميق للمعايير المزدوجة والانتقائية من قبل بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، في تطبيق القانون الدولي وضمان المساءلة وحماية الضحايا من الجرائم والانتهاكات المروعة. فضلاً عن تهديدات واضحة من بعض الدول لتقويض أو معاقبة العمل الحيوي لهيئات العدالة والمساءلة الدولية، بما في ذلك محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
وبحسب البيان: “هذه الإجراءات تقوض نزاهة الإطار الدولي لحقوق الإنسان، وشرعية المؤسسات المعنية بتطبيقه، ومصداقية الدول المنضمة إليها. فمن أفغانستان إلى الصين، ومن إريتريا إلى ميانمار، ومن فلسطين إلى سريلانكا، ومن السودان إلى أوكرانيا، ثمة انتهاكات جسيمة تتطلب معالجة لأسبابها الجذرية وتطبيق متسق وعادل لمعايير حقوق الإنسان “.
وخلال اعتماد المراجعة الدورية الشاملة للملف الحقوقي للمملكة العربية السعودية في هذه الجلسة، دعا مركز القاهرة الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التصويت لصالح ضم المملكة السعودية كعضو في المجلس، بعدما رفضت الحكومة السعودية وقف هجماتها المستمرة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان واعتقالهم، كما رفضت تطبيق مبادئ المساواة للمرأة، واستمرار حملتها على جميع أشكال حرية التعبير وغيرها من الحقوق الأساسية.
وخلال المناقشة مع لجنة التحقيق الأممية المتحدة بشأن سوريا، ندد مركز القاهرة بسياسات الدول العربية والأوروبية إزاء اللاجئين السوريين، والتي تسببت في إعادة بعضهم قسرًا إلى سوريا رغم احتمالية تعرضهم لانتهاكات خطيرو تهدد حياتهم، من قبل الحكومة السورية وغيرها من الجهات الفاعلة.
وبالتعاون مع الائتلاف اليمني لحقوق الإنسان، عقد مركز القاهرة ندوة عامة على هامش الجلسة، ركزت على حملة ” أفتحوا الطريق” التي أطلقها وتبناها المجتمع المدني اليمني، مسلطًا الضوء على تأثير إغلاق الطرق في اليمن على وصول المساعدات الإنسانية الملحة وتوفير الأدوية وحرية التنقل للجميع في اليمن. كما تطرق النقاش في الندوة إلى حملة الاعتقالات التعسفية الجماعية الأخيرة في صنعاء، والتي طالبت عدد من العاملين في المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية في اليمن. وقد طالب المركز وشركاؤه في توصيات الندوة، الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من هذه حدة الأزمات الإنسانية المتصاعدة في اليمن، ودعم حرية وحقوق المواطنين اليمنيين، فضلًا عن العمل من أجل المساءلة الدولية عن الانتهاكات المستمرة في اليمن.
وبالمثل شارك المركز مع عدد من المنظمات الجزائرية في دعوة المجلس إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات لمواجهة حملة القمع المستمرة ضد المجتمع المدني والحركات المؤيدة للديمقراطية في الجزائر، وذلك في ضوء التوصيات التي سبق وقدمها المقرر الأممي الخاص المعني بحرية التجمع وتكوين الجمعيات.
Share this Post