قبل اجتماع الشراكة الأوروبي المصري: 8 منظمات حقوقية تطالب الاتحاد الأوروبي بربط التقدم في العلاقات الثنائية مع مصر بمعايير محددة لتحسين حالة حقوق الإنسان

In برنامج مصر ..خارطة الطريق, مواقف وبيانات by CIHRS

25 مايو 2022

الممثل السامي للشئون الخارجية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية: جوزيب بوريل
السادة وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي

نكتب إليكم قبل الاجتماع المرتقب لمجلس الشراكة الأوروبي المصري في 19 يونيو 2022، من أجل تشجيع نائب رئيس المفوضية والممثل السامي جوزيب بوريل، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، على اغتنام هذه الفرصة لإثارة المخاوف بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتعديات على القانون الدولي التي ترتكبها السلطات المصرية، ووضع معايير ملموسة قابلة للقياس لإحراز التقدم في مجال حقوق الإنسان كضمانات للتقدم في العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي ومصر.

هذه المعايير ينبغي أن تشمل على وجه التحديد ما يلي؛

  1. الإفراج عن جميع المحتجزين تعسفًا بسبب ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، والمحتجزين لأسباب تتعلق بالدين أو الجنس أو الهوية الجنسية أو الميل الجنساني أو غير ذلك من الخصائص المحمية بموجب قانون حقوق الإنسان.
  2. اعتماد وقف اختياري فوري لتطبيق عقوبة الإعدام تمهيدًا لإلغائها.
  3. إنهاء ممارسات التعذيب والإخفاء القسري، وكفالة مباشرة تحقيقات فعالة ومستقلة ونزيهة في هذه الممارسات غير المشروعة، بهدف محاسبة المسئولين عنها.
  4. وضع حد لجميع الأعمال الانتقامية والمضايقات التي يتعرض لها العاملون في المجتمع المدني وجميع النشطاء السلميين وعائلاتهم، وضمان تمكين المصريين من ممارسة حقوقهم في التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير.
  5. ضمان المشاركة الهادفة للمجتمع المدني المصري والدولي في مؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ، دون خوف من العنف أو الانتقام.
  6. مواءمة التشريعات الوطنية مع التزامات مصر الدولية، بما في ذلك قانون تنظيم العمل الأهلي لعام 2019 ولوائحه، وقوانين مكافحة الإرهاب، وقانون الطفل لعام 1996.
  7. رفع الرقابة المفروضة على منصات الأخبار المستقلة ومواقع الإنترنت الأخرى.
  8. السماح للصحفيين والنشطاء المستقلين بدخول سيناء، وتوفير سكن بديل للأسر التي تم تهجيرها قسرًا من سيناء، وتعويض أولئك الذين تم تشريدهم تعويضًا عادلًا.
  9. التعاون الصادق مع السلطات الإيطالية في مقاضاة المتهمين بتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني.
  10. التصديق على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الموقّع في عام 2000، وإدراجه في القانون الوطني المصري.
  11. الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وبروتوكولها الاختياري، وتطبيقها تطبيقاً مجديًا في القوانين والسياسات المحلية.
  12. تنفيذ استنتاجات وتوصيات لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

نوعية تواصل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء مع الجانب المصري خلال لقاءات مجلس الشراكة والاجتماعات رفيعة المستوى الأخرى بشأن هذه المعايير، سيبعث برسالة للشعب المصري والمجتمع المدني حول ماهية اختيارات الاتحاد الأوروبي، إما بالاستمرار في دعم الحكومة المصرية دون نقد رغم ممارساتها القمعية، أو إعلان تغيير المسار والضغط بجدية على السلطات المصرية لدعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية للمصريين.

لقد سبق وأثارت منظماتنا وشركاؤنا المحليون وخبراء الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي مرارًا وتكرارًا مخاوف جدية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق والمنهجية في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي. وكم نأسف أن نداءاتنا ونداءات البرلمان الأوروبي، التي طالما طالبت الاتحاد الأوروبي باتخاذ تدابير جدية لمعالجة هذا الوضع، لم تلق الاستجابة الواجبة إلا نادرًا. وفي غياب تدابير التدقيق والمساءلة ذات الثقل من شركائها الدوليين، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، اشتدّ قمع الحكومة المصرية.

يُعقد اجتماع مجلس الشراكة الأوروبي المصري بعد سلسلة من التدابير التي وصفتها السلطات المصرية بأنها تقدم ملموس في ملف حقوق الإنسان. لذا نستعرض في ملحق بهذه الرسالة، كيف أن هذه التدابير لم تؤد إلى تغيير حقيقي في السياسة، وكيف أنها تمثل مجرد محاولة من الحكومة المصرية لتبييض سجلها السيء في مجال حقوق الإنسان.

هذه الخطوات المحدودة، جاءت بعد تعبير علني ونادر عن قلق المجتمع الدولي بشأن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، بقيادة فنلندا، خلال الجلسة السادسة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وبدعم من 32 دولة، بما في ذلك 18 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يثبت اكتراث السلطات المصرية بسمعتها الدولية. ورغم ذلك، للأسف، لم يتابع أعضاء مجلس حقوق الإنسان التطورات بعد هذه المبادرة، وكنا نأمل أن تساعد في بناء الزخم نحو قرار بتشكيل آلية أممية لرصد حالة حقوق الإنسان في مصر، والتي طال انتظارها.

أثناء المناقشات مع وزير الخارجية المصري سامح شكري في سياق مجلس الشراكة، نتطلع أن يضع نائب رئيس المفوضية والممثل السامي ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في اعتبارهم أن وزير الخارجية يمثل حكومة مسئولة عن عمليات القتل الجماعي والقمع الوحشي للاحتجاجات، والتعذيب المنهجي وغيره من ضروب سوء المعاملة، والإخفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون، والاحتجاز التعسفي لآلاف المعارضين الحقيقيين أو المتخيَّلين، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمحامين والنشطاء السياسيين. وقد أدت ظروف الاحتجاز المروعة إلى وفاة العشرات من المحتجزين أو ساهمت في ذلك. هذا بالإضافة إلى غلق ومصادرة المجال العام بقسوة، وتعرض المنظمات غير الحكومية المستقلة القليلة التي لا تزال تعمل داخل البلاد لأخطار كبيرة من الملاحقة والعنف والترهيب، في حين أن القانون الذي ينظم أنشطتها – والذي أشاد به الاتحاد الأوروبي كتطور إيجابي وهو تصرف غير مفهوم – يخاطر بالقضاء عليها تمامًا.

تقع هذه التجاوزات وغيرها في ظل إفلات شبه كامل من العقاب، إذ تتجاهل السلطة القضائية والنيابة العامة بشكل روتيني تقارير المحتجزين بشأن التعذيب وسوء المعاملة، بينما يقبع المعارضين المتصوَّرين في السجون رهن الحبس الاحتياطي الذي لا نهاية له، وتصدر بحقهم أحكامًا – بما في ذلك أحكام الإعدام – بعد محاكمات غير عادلة على الإطلاق.

كما استأنفت السلطات المصرية تنفيذ عقوبات الإعدام، مما أسفر عن إعدام 10 رجال في مارس 2022، بعد توقف بدأ في سبتمبر 2021. وتم الزج بالعديد من النساء في السجون بسبب اتهامات تتعلق بالأخلاق بعد نشر فيديوهات على موقع تيك توك، كما تم حبس مواطنين من الأقليات الدينية بسبب اتهامات بالتجديف.

وللأسف، قوبل سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان ببيانات ضعيفة تصدر بين الحين والآخر من الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، والتي امتنعت أيضًا عن اتخاذ تدابير ملموسة لمعالجة هذا السجل، واستمرت بدلاً من ذلك في تقديم الدعم السياسي والمالي والعسكري الكامل للحكومة المصرية.

في فبراير الماضي، رفض الوزير المصري سامح شكري علنًا المخاوف التي أعربت عنها الحكومة الألمانية الجديدة بشأن حقوق الإنسان في مصر، مشيرًا إلى أهمية مصر الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالأمن والهجرة. وفي مارس، خضعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لطلب المجر غير المبرر بنقل الإشارة إلى مصر من البند 4 إلى مناقشة البند 2 من جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، علمًا بأن البند 2 مخصص لمناقشة الحالات القطرية التي تعتبر أقل أهمية. وبعد ذلك بوقت قصير، تم دعم الطلب المشترك بين الاتحاد الأوروبي ومصر لرئاسة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن يشارك الاتحاد الأوروبي في رئاسة منصة تهدف إلى تشكيل سياسات عالمية لمكافحة الإرهاب مع حكومة معروفة بارتكاب انتهاكات خطيرة تحت ستار مكافحة “الإرهاب”.

أخيرًا، ورغم سجلها القاسي من القمع والانتقام بحق المجتمع المدني، تم اختيار مصر لاستضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، ما يوفر للحكومة المصرية فرصة جديدة لتعزيز صورتها الدولية.

ونحن إذ نكرر دعواتنا للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء لكسر هذه الحلقة من الإفلات من العقاب، وإعادة النظر بجدية في علاقاتهم مع مصر، نشجع نائب الرئيس والممثل السامي ووزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على اغتنام لقاءات مجلس الشراكة القادمة لتمرير رسالة واضحة وجريئة لا لبس فيها إلى الحكومة المصرية بأن حقوق الإنسان يجب أن تكون في قلب علاقاتهم الثنائية.

كما ندعوكم للإعراب عن القلق بشأن التزامات الحقوق الواردة في أولويات الشراكة السابقة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، والتي لم تنَفذ. إذ ينبغي أن تعكس الالتزامات المقبلة التزام الاتحاد الأوروبي السياسي الأول في جدول الأعمال الجديد للبحر الأبيض المتوسط لعام 2021 بشأن التنمية البشرية والحكم الرشيد وسيادة القانون.

وكما ينبغي أن ينعكس التقدم الملموس في سجل مصر في مجال حقوق الإنسان على العلاقات الثنائية، من الضروري أن يؤدي التباطؤ في ذلك لعواقب وخيمة على دعم أوروبا للحكومة المصرية، وينتج عنه اتخاذ تدابير ملموسة طال انتظارها لمعالجة أزمة حقوق الإنسان في البلاد.

نأمل أن تثير هذه الرسالة أفكارًا جادة داخل حكومات ومؤسسات الاتحاد الأوروبي وفيما بينها، ونتمنى لكم اجتماعًا مثمرًا مع نظرائكم المصريين. ونحن على استعداد لمناقشة هذه القضايا في أي وقت.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،

المنظمات المنضمة للرسالة:

  • منظمة العفو الدولية
  • مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
  • معهد ديجنتي – المعهد الدانمركي لمناهضة التعذيب
  • الأورومتوسطية للحقوق
  • الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
  • هيومن رايتس ووتش
  • المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
  • منظمة ريبريف

ملحق

التطورات الأخيرة في مصر والإفراج المحدود مؤخرًا عن النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحتجزين تعسفًا، والإغلاق الجزئي للتحقيقات الجنائية بحق بعض المدافعين عن حقوق الإنسان في القضية 173/2011 (المعروفة بقضية التمويل الأجنبي)، هي خطوات جديرة بالترحيب، رغم أن ما لا يقل عن 16 مدافعًا عن حقوق الإنسان لا يزالوا خاضعين لحظر السفر و/أو تجميد الأصول فيما يتعلق بالقضية، ورغم أن هذه التطورات كانت مصحوبة بتطورات سلبية أخرى.

ففي 24 أبريل – في اليوم نفسه الذي تم فيه الإعلان عن آخر حالة أُطلق سراحها – اعتقلت السلطات المصرية المذيعة التلفزيونية هالة فهمي، وأمرت نيابة أمن الدولة العليا باحتجاز الصحفية صفاء الكربجي لمدة 15 يومًا، بعد ثلاثة أيام من اعتقالها. ولا يزال كلاهما محتجزاً لحين إجراء تحقيقات بشأن تهم لا أساس لها تتعلق بالإرهاب.

كما فشلت السلطات المصرية في إجراء تحقيق مستقل وشفاف في وفاة الباحث الاقتصادي أيمن هدهود في مارس الماضي في مستشفى للأمراض النفسية، بعد اعتقاله وإخفائه القسري قبل شهر، رغم وجود قرائن على انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان.

وفي ديسمبر، حُكم على حقوقيين بارزين، هم علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر ومحمد إبراهيم “أوكسجين”، في أعقاب محاكمات غير عادلة أمام محاكم “الطوارئ” التي لا يمكن استئناف أحكامها. وكان الأمر نفسه قد وقع في نوفمبر الماضي مع زياد العليمي وهشام فؤاد، وتكرر مرة أخرى في مايو 2022 مع السياسي يحيى عبد الهادي. كما صدرت الأحكام بحق كثيرين حوكموا ظلمًا، بمن فيهم باتريك زكي، وأحمد سمير سنطاوي، وهدى عبد المنعم، وإبراهيم متولي حجازي، وعزت غنيم، وهيثم محمدين، وأحمد عماشة، ومحمد رمضان، ومحمد عادل، وأنس البلتاجي، وعبد المنعم أبو الفتوح، ومحمد القصاص، وخلود سعيد، ومروة عرفه صفوان، وسيف ثابت، ومودة الأدهم، وحنين حسام، وماركو جرجس، واسماعيل الاسكندراني، وذلك على سبيل المثال لا الحصر.

وفي أكتوبر، أعلن الرئيس السيسي رفع حالة الطوارئ، لكنه بعد بضعة أيام، اعتمد سلسلة من التعديلات على قوانين أخرى رسخت لحالة طوارئ دائمة في النظام القانوني المصري.

وفي سبتمبر، أعلنت السلطات المصرية – بضجة كبيرة – اعتماد استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان. لكن للأسف، تتجاهل هذه الاستراتيجية تمامًا أنماط انتهاكات حقوق الإنسان الماضية والجارية، ولا تعترف بالدور المسيء لقوات الأمن والجهات الفاعلة الأخرى في الدولة؛ كما أنها تنسب مرارًا وتكرارًا المسئولية عن عدم تمتع المواطنين المصريين بحقوق الإنسان للمواطنين أنفسهم، بسبب افتقارهم المزعوم إلى الوعي بحقوقهم القانونية وبرامج الدعم الحكومية المتاحة. وتقدم الاستراتيجية حلولًا متواضعة وتقنية إلى حد كبير للتغلب على “تحديات” حقوق الإنسان، دون الاعتراف بالحاجة إلى الإرادة السياسية من جانب السلطات المصرية لتغيير المسار. وعلاوة على ذلك، تمت صياغة الاستراتيجية تحت رعاية وزارة الخارجية من قبل هيئة هدفها المعلن هو “الرد على الادعاءات المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر”، ما يشير إلى أن الحكومة تهتم بتبييض سمعتها السيئة على المستوى الدولي، بدلاً من تحقيق تقدم ملموس في مجال حقوق الإنسان على أرض الواقع.

ولا تزال قرارات “اللجنة الرئاسية المعنية بالعفو” التي أعيد تفعيل دورها مؤخرًا، والمُكلفة بتحديد هوية السجناء المراد الإفراج عنهم، مرهونة بموافقة الأجهزة الأمنية، وتفتقر للشفافية الأساسية والمعايير الموضوعية، ما يؤدي إلى اتخاذها قرارات عشوائية. إذ أشار أعضاء هذه اللجنة مرارًا وتكرارًا إلى استبعاد الأفراد المتهمين “بالانتماء إلى جماعات إرهابية” أو باستخدام العنف، بينما من الموثق أن هذه التهم تُستخدم لاعتقال آلاف الأشخاص تعسفًا أو احتجازهم لفترات طويلة قبل المحاكمة بسبب ممارستهم السلمية لحقوق الإنسان.

وحتى الآن، ترفض السلطات المصرية اعتماد اقتراح منظمات حقوق الإنسان المصرية بالتصدي للاحتجاز التعسفي. كما لا يوجد أي تقدم في المحاكمة الغيابية لأربعة ضباط مصريين متهمين بتعذيب وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، وذلك بسبب فشل السلطات المصرية المستمر في التعاون بشفافية مع القضاء الإيطالي.

Share this Post