تقرير استثنائي لتحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال» يكشف العلاقات بين المؤسسات المالية الأوروبية والشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة

In البرنامج الدولي لحماية حقوق الإنسان, دول عربية by CIHRS

أطلق اليوم، 20 يونيو 2024، تحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال»، تقرير مرحلي استثنائي يركز على العلاقات بين المؤسسات المالية الأوروبية والشركات التي تزود إسرائيل بالأسلحة، المستخدمة لفرض الاحتلال وما يرتبط به من انتهاكات للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية.

 التقرير الذي جاء تحت عنوان «الشركات التي تسلح إسرائيل ومموليها»، وأعدته بالأساس منظمة حماية المدنيين PAX، انطلق من أن اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 تتطلب من الدول المنضمة إليها استخدام جميع الوسائل المتاحة لمنع الإبادة الجماعية، بما في ذلك خارج الحدود الإقليمية. ويتم تفعيل هذا الالتزام بمجرد أن تكون الدولة «على علم» بوجود خطر جدي للإبادة الجماعية. ولعل حكم محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير كافي لإعلام هذه الدول بخطر إبادة محتمل في غزة، فضلًا عن تحذيرات خبراء الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بشأن هذا الخطر، على نحو يُفعّل التزام الدول باتخاذ إجراءات لمنع الإبادة الجماعية في غزة، على أن يشمل ذلك وقف صادرات الأسلحة لإسرائيل.

وفيما أوصى التقرير بضرورة وقف إمدادات شركات الأسلحة إلى إسرائيل بشكل عاجل، ووقف تمويلات المؤسسات المالية لهذه الشركات التي تواصل توريد الأسلحة لإسرائيل، طالب أيضًا دول الاتحاد الأوروبي بالتدخل العاجل لدى المؤسسات المالية الأوروبية ولدى شركات توريد الأسلحة، تنفيذًا لطلب مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في أبريل 2024، بوقف بيع ونقل وتحويل الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية الأخرى إلى إسرائيل.  فضلًا عن الامتناع، وفقًا للمعايير والقواعد الدولية، عن تصدير أو بيع أو نقل السلع والتكنولوجيات المتعلقة بالمراقبة والأسلحة الأقل فتكًا، طالما أن ثمة أسباب معقولة للاشتباه في استخدام هذه السلع أو التكنولوجيات أو الأسلحة لانتهاكات حقوق الإنسان. كما طالب التقرير الدول الأعضاء بتطبيق معاهدة تجارة الأسلحة (ATT) والموقف المشترك للاتحاد الأوروبي في تراخيص تصدير السلع العسكرية لمنع استخدام الأسلحة في انتهاكات القانون الإنساني الدولي، والتواصل مع شركات صناعة الأسلحة لتشجيع الالتزام بتنفيذ معايير حقوق الإنسان للشركات بشأن ممارسة الأعمال التجارية المسئولة.

تتحمل شركات الأسلحة مسئولية احترام حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي، وفقًا لمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية المسئولة، والمبادئ التوجيهية لمنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. إذ ينبغي على هذه الشركات بذل العناية الواجبة من أجل تجنب التسبب في آثار سلبية على حقوق الإنسان أو المساهمة فيها، ومعالجة هذه الآثار عند حدوثها. كما يتعين عليها منع أو تخفيف الآثار السلبية على حقوق الإنسان التي ترتبط ارتباطًا مباشرًا بعملياتها أو منتجاتها أو خدماتها. وهو ما لم تضطلع به معظم شركات توريد الأسلحة على مدى سنوات طويلة من الاحتلال الإسرائيلي. كما أنه وبشكل خاص يجب «تعزيز مبدأ العناية الواجبة بحقوق الإنسان» في المناطق المتضررة من النزاع؛ لمراعاة ومعالجة المخاطر المتزايدة المتعلقة بحقوق الإنسان في هذه السياقات بالتحديد. ومن ثم، فكون الحكومات تمنح تصاريح تصدير لنقل الأسلحة لا يعفي شركة الأسلحة من مسئوليتها الخاصة ببذل العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان. إذ يمكن تحميل الشركات وموظفيها المسئولية الجنائية لمساهمتهم في انتهاكات القانون الإنساني الدولي والجرائم ضد الإنسانية فضلاً عن الاشتراك مؤخرًا في أعمال الإبادة الجماعية.

وتنطبق مسئولية بذل العناية الواجبة (المعززة) في مجال حقوق الإنسان بالشكل نفسه على المؤسسات المالية؛ التي تتسبب أو تساهم بتمويلاتها في انتهاكات لحقوق الإنسان. ومنذ 7 أكتوبر 2023، أصبحت المخاطر القائمة بالفعل والملازمة لنقل الأسلحة إلى إسرائيل أكثر حدة، كما أضحت الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات أكثر إلحاحًا؛ إذ ينبغي على الشركات التوقف عن توريد الأسلحة لإسرائيل، وينبغي على المؤسسات المالية ممارسة ضغوط عاجلة وسحب استثماراتها من هذه الشركات، نظرًا لوجود دلائل واضحة للغاية على أن الأسلحة التي تبيعها وتنقلها هذه الشركات من المرجح استخدامها لارتكاب أو تسهيل انتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الإبادة الجماعية. وفي حالة الإخفاق في ذلك، فقد يُنظر إلى هذه المؤسسات المالية باعتبارها تسهل الانتهاكات التي تساهم فيها الشركات.

وبعد دراسة أكبر 25 شركة منتجة للأسلحة في العالم. حدّد التحالف من بينها الشركات التي تستوفي معيارين أساسيين؛ تزويد إسرائيل بالأسلحة بين يناير 2019 وديسمبر 2023. والشركات المتورطة في إمدادات أسلحة جديدة فقط، مستبعدًا عمليات تسليم الأسلحة المستعملة، وعمليات صيانة الأسلحة الموردة قبل عام2019. وقد استوفت 6 شركات هذا التصنيف هم: بوينغ، جنرال دايناميكس، ليوناردو، لوكهيد مارتن، RTX (رايثيون سابقًا)، ورولز رويس. علمًا بأن هذه ليست الشركات الوحيدة التي تزود إسرائيل بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى؛ إذ يستخدم الجيش الإسرائيلي أيضًا الأسلحة التي توفرها شركات أخرى (أصغر حجمًا).

هذه الشركات الستة تتلقى تمويلات واستثمارات ضخمة من 20 هيئة مالية استثمارية أوروبية، فضلًا عن 20 مؤسسة(بنكية) أوروبية أخرى تقدم القروض والاكتتابات لهذه الشركات. وفيما لا يزعم التحالف أن كامل التدفقات المالية الأوربية لهذه الشركات (أكثر من 60 مليار يورو في الفترة من يناير 2021 إلى أغسطس 2023) تم توجيهها نحو إنتاج أسلحة متجهة لإسرائيل. إلا أن الاستثمارات في الشركة بشكل عام تدعم أنشطة الشركة بأكملها؛ ومن ثم فالاستثمار يربط المستثمر بجميع أنشطة الشركة، وبالتالي جميع الآثار السلبية لأنشطتها. وبغض النظر عن حجم الاستثمار أو نسبة رأس المال المتدفق مباشرة إلى إنتاج سلع متجهة لإسرائيل؛ فإن المؤسسات المالية تتحمل مسئولية استخدام نفوذها للتأثير على الجهات الفاعلة المشاركة في الانتهاكات من أجل منع الضرر والتخفيف منه ومعالجته.

أشار تقرير تحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال» أيضًا لأن شركات الأسلحة ليست وحدها التي قد تتعرض لخطر التورط في انتهاكات القانون الإنساني الدولي وأعمال الإبادة الجماعية المحتملة في غزة. إذ أن جميع الشركات التي تعمل أو لديها علاقات تجارية في إسرائيل عليها أن تبذل العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان لتجنب التسبب أو المساهمة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو انتهاكات القانون الإنساني الدولي. لذا تضمن التقرير أيضا قائمة بالشركات المستفيدة من الهجمات الإسرائيلية على غزة، بما في ذلك شركات التي لا يُنظر إليها عادةً على أنها جزء من صناعة الأسلحة، مثل الشركات التي تزود الجيش الإسرائيلي بالمعدات الثقيلة كالجرافات ومقدمي الوقود، وشركات تقنيات التعرف على الوجه، بالإضافة لإدارة منصات وسائل التواصل الاجتماعي. كما تضمن التقرير ما تلقاه من ردود بعض البنوك والمؤسسات المالية الأوروبية في التقرير، والتي توضح موقفها من الاستثمار في شركات الأسلحة المشار لها، وموقفها من دعم أي صفقات تتعلق بتوريد الأسلحة لإسرائيل مؤخرًا.

التقرير كامل هنا

________________________________________________________________________

تحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال – DBIO» هو ائتلاف يتكون من 25 منظمة فلسطينية وإقليمية وأوروبية، تتواجد مقارها في بلجيكا وفرنسا وأيرلندا وهولندا والنرويج وإسبانيا والمملكة المتحدة وفلسطين. تم تشكيل الائتلاف في يناير 2021 للبحث والكشف عن العلاقات المالية بين المؤسسات المالية الأوروبية والشركات التجارية المنخرطة في مشروع الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ونشر هذه النتائج في تقرير يتم تحديثه سنويًا.

ويعد هذا هو التقرير الرابع للتحالف، بعد أخر تقرير صدر في ديسمبر 2023 .

  • معلومات خلفية

تشكل الهجمات الإسرائيلية على غزة انتهاكًا جسيمًا للقانون الإنساني الدولي، حسبما أشارت العديد من المنظمات الحقوقية والمحاكم الدولية وهيئات وتقارير الأمم المتحدة. الأمر الذي دفع محكمة الاستئناف الهولندية بإلزام الحكومة الهولندية في 12 فبراير 2024، بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، استنادًا لـ «دلائل كثيرة على أن إسرائيل انتهكت القانون الإنساني للحرب في عدد لا يستهان به من الحالات».. في 26 يناير 2024، ردًا على الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، قضت محكمة العدل الدولية بوجود خطر معقول بحدوث ضرر لا يمكن إصلاحه بحق الفلسطينيين في الحماية من الإبادة الجماعية وأمرت إسرائيل باتخاذ كافة التدابير التي في وسعها لمنع الإبادة الجماعية.

وكانت أكثر من 100 منظمة حقوقية قد أطلقت دعوة لفرض حظر على بيع الأسلحة لإسرائيل، وفي الشهر نفسه  صرح خبراء الأمم المتحدة بأن أعمال إسرائيل في غزة تشكل «إبادة جماعية قيد الارتكاب»، وأن المجتمع الدولي «ملزم بمنع الجرائم الوحشية، بما في ذلك الإبادة الجماعية، ويجب عليه النظر فورًا في جميع الإجراءات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية لتحقيق هذه الغاية». وفي 23 فبراير 2024، أصدر خبراء الأمم المتحدة بيانًا مشتركًا حذروا فيه من أن «نقل للأسلحة أو الذخيرة إلى إسرائيل، لاستخدامها في غزة، من المرجح أنه ينتهك القانون الدولي الإنساني ويتعين أن يتوقف على الفور». وفي 5 أبريل 2024، اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالإجماع قرارًا «لوقف بيع ونقل وتحويل الأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات العسكرية إلى إسرائيل… لمنع ارتكاب المزيد من انتهاكات القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان».

وبحسب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، يتعين على الدول استخدام جميع الوسائل المتاحة لها بشكل معقول لمنع الإبادة الجماعية في دولة أخرى. وحسبما ذكر خبراء الأمم المتحدة، ينبغي أن يتضمن ذلك وقف صادرات الأسلحة في ظل الظروف الحالية في غزة. ويجب إخطار الدول الثالثة أيضًا بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن إسرائيل ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة بعد طلبات أوامر الاعتقال التي أصدرها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق مسئولين إسرائيليين رئيسيين في 28 مايو 2024.

أيضًا تحظر المادة 6 من المعاهدة الدولية لتجارة الأسلحة على الدول السماح بنقل الأسلحة إذا كانت الدولة على علم بأن الأسلحة قد تستخدم في ارتكاب جرائم إبادة جماعية، أو جرائم ضد الإنسانية، أو انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف لعام 1949، أو هجمات موجهة ضد أهداف مدنية أو مدنيين محميين بصفتهم هذه، أو جرائم الحرب الأخرى على النحو المحدد في الاتفاقيات الدولية التي تكون طرفًا فيها. فضلاً عن أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ملتزمة بموقف الاتحاد الأوروبي المشترك بشأن صادرات الأسلحة، والذي يتطلب من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي «رفض منح رخصة التصدير في حالة وجود خطر واضح بأن يتم استخدام التكنولوجيا أو المعدات العسكرية المقرر تصديرها في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي»، ومن شأن أمر محكمة العدل الدولية أن يلبي الحد الأدنى من المعرفة بوجود «خطر واضح».

Share this Post