في 2 فبراير/شُباط 2022، والذي يوافق الذكرى الخامسة للتوقيع على مذكرة التفاهم الإيطالية – الليبية، نشر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان – بالتعاون مع جمعية الدراسات القانونية حول الهجرة ASGI ومع أكثر من 170 منظمة وشخص من مختلف أنحاء العالم – وثيقة تحليل وإدانة لتداعيات مذكرة التفاهم، وتتوجه المنظمات بنداءٍ حقوقي عاجلٍ للحكومة الإيطالية والمنظمات الدولية؛ “لم يعد هناك من سبيل لحماية المهاجرين في ليبيا إلا الإلغاء الفوري لمذكرة التفاهم”.
إنَّ عرقلة حركة المغادرة، والتي يتم السعي لها على قدم وساق كإحدى المخرجات التنفيذية لمذكرة التفاهم، عبر التمويل الضخم الذي تقدمه إيطاليا للسلطات الليبية، قد ثّبُت بالدليل القاطع أنها تمثل عاملًا مُسهِّلًا لتأطير وترسيخ العديد من نماذج الاستغلال والاستعباد والعنف، والتي اعتبرتها بعثة تقصي الحقائق المستقلة للأمم المتحدة بمثابة جرائم ضد الإنسانية. هذا بالإضافة إلى أن التدابير المتوخاة للسماح بالخروج القانوني للمهاجرين من ليبيا – عبر عمليات الإجلاء والممرات الإنسانية وإعادة التوطين – قد أثبتت عجزها الشديد عن ضمان حصول المهاجرين العالقين على حقوقهم وعلى توفير الحماية لهم، الأمر الذي لا يرجع فقط إلى محدودية الوسائل والإمكانيات، بل وكذلك لغياب أي ضمانات إجرائية ولما تتسم به تلك التدابير والأنظمة من طابع تساهلي غير منضبط.
ففي معظم الحالات، لا يجد المهاجرون حلًا أمامهم سوى الانخراط فيما يسمى ببرامج الإعادة “الطوعية”، وذلك للانعتاق من العنف والانتهاكات التي يتعرضون لها في ليبيا، حتى ولو كان هذا يعني تعرضهم مجددًا للعنف والتنكيل بمجرد عودتهم إلى أوطانهم التي فرّوا منها.
نظرًا للخبرة التي تراكمت على مدى السنوات الخمس الماضية، وما شهدته الأشهر الأخيرة من موجة ضارية من العنف والقمع، فإنَّ المنظمات الموقعة على هذا النداء تُطالب
- الحكومة الإيطالية بالإلغاء الفوري لمذكرة التفاهم، باعتباره الخيار الوحيد الممكن بالنظر إلى استحالة توفير تحسينات هيكلية جذرية تنعكس على أوضاع المهاجرين واللاجئين في ليبيا، وتضمن حصولهم على الحماية الكافية، وهو الأمر الذي يتضح من متابعة تطورات الوضع الليبي.
- مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة: بالانضمام إلينا في مطالبتنا بإلغاء مذكرة التفاهم، انطلاقا وامتثالًا لالتزامهما بالعمل على حماية المواطنين الأجانب المتواجدين في ليبيا، وذلك لتفادي أي خلط وارد بين المبادرات الخاصة بهما من جهة، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الناجمة عن مذكرة التفاهم من جهة أخرى.
النظام الذي تأسس بناء على مذكرة التفاهم الإيطالية/الليبية لم يؤد لأي تحسينات ملموسة في الأوضاع الليبية، بل على النقيض أظهر بجلاء استحالة تأمين حصول المهاجرين في ليبيا على أي نوع من أنواع الحماية.في مطلع أكتوبر2021، أطلقت الحكومة الليبية حملة تمشيط واعتقالات واسعة بحق مواطنين أجانب في العديد من أحياء العاصمة طرابلس. وتضمن الأشخاص المعتقلون بعض المسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين، بالإضافة لأشخاص يمرون بأوضاع هشة وخطرة، مثل القُصَّر والنساء الحوامل. وفي أعقاب القبض عليهم، نُقل الرعايا الأجانب لمراكز احتجاز تابعة لوزارة الداخلية الليبية، ووردت إفادات عن تعرضهم لضروب مختلفة من سوء المعاملة والتعذيب، الذي وصل حد القتل؛ ففي مركز «المباني» قُتل 6 أشخاص وجُرِحَ 24 آخرون بعيارات نارية.[1]وكرد فعل على هذه الممارسات العنيفة والتمييزية، احتشد آلاف المهاجرين للاحتجاج أمام مكتب مفوضية اللاجئين (UNHCR) في طرابلس مطالبين بنقلهم إلى بلد آمن مع ضمان سلامتهم. ويكتسب مثل هذا التحرك أهمية مضاعفة، لأنه أعلن عن ظهور كيان جديد في ليبيا تحت اسم رابطة اللاجئين في ليبيا (Refugees in Libya)، والتي تتشكل من مهاجرين يتواصلون ويتفاعلون مع المنظمات الدولية ومع الجهات الأممية العاملة الموجودة داخل ليبيا وخارجها.
في الوقت الراهن، لا يوجد دليل في الوقت الراهن على وجود أي حلول ملائمة؛ فحسبما أعلنت مفوضية اللاجئين في ليبيا (UNHCR)، في أعقاب اجتماعها مع الرابطة، فإنها «لا تستطيع ضمان توفير أي شكل من أشكال السلامة والحماية [للاجئين والمهاجرين] عند عودتهم إلى المجتمعات الليبية»،[2] وإنما مجرد العمل على إعادة فتح رحلات الإجلاء. ورغم استئناف الرحلات الجوية إلى النيجر وروندا من خلال آلية العبور في حالات الطوارئ (Emergency Transit Mechanism)، إلا أن رابطة اللاجئين ومفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين اتفقتا على أن عمليات الإجلاء لا تزال محدودة للغاية.
ورغم الاعتراف الأخير للمفوضية بعجزها عن ضمان الحماية لطالبي اللجوء في ليبيا؛ إلا أنها أعادت التذكير بأهمية التواصل والحوار مع الحكومة الليبية لإيجاد حلول لضمان حماية المواطنين الأجانب داخل البلاد.[3] وحسبما أشارت رابطة اللاجئين في بيانها التأسيسي، فإن هذه الاستراتيجية ليست كافية أو متناسبة في ظل الظروف الحالية؛ فالعديد من أفرع الحكومة، على اختلاف مستوياتها، تتورط يشكل مباشر في ارتكاب الانتهاكات بحق المهاجرين.
وفي هذا السياق، نددت الرابطة بانعدام الأمن، وتعرض المهاجرين للتوقيف والاحتجاز التعسفي، والعنف الجنسي، والتعذيب: وهي الممارسات التي اعتبرتها بعثة تقصي الحقائق المستقلة للأمم المتحدة جرائم ضد الإنسانية.[4]
وكما يتضح من تقرير بعثة تقصي الحقائق، وغيرها من التقارير الأخرى،[5] فإن هذه الانتهاكات ممنهجة، وتندرج ضمن نموذج يتم العمل على أساسه، ويُعرفُّه البعض باعتباره نموذج للعمل التجاري بكل ما تحمله الكلمة من معان، وهو يتألف من المراحل التالية:
- عملية اعتراض المهاجرين في البحر من جانب قوات خفر السواحل الليبية، والتي تتبع في أعمالها المناورات والأساليب المحفوفة بالكثير من المخاطر.
- اقتياد المهاجرين وإعادتهم إلى ليبيا واحتجازهم في مراكز تُديرها مديرية مكافحة الهجرة غير الشرعية بوزارة الداخلية(DCIM) أو بيعهم إلى جماعات إجرامية.
- ارتكاب الانتهاكات بحق المهاجرين، ومن بينها التعذيب وسوء المعاملة؛ بغرض ابتزازهم ماليًا أو استغلالهم بقصد «جني الأرباح» في أشكال مختلفة مثل السُخرة، البغاء القسري، التعذيب والاختطاف للحصول على فدية.
ورغم التعقيدات التي تشهدها الساحة الليبية، فإننا نعتقد أنه ينبغي التنديد بشدة بسياسة التعاون التي تنتهجها إيطاليا والاتحاد الأوروبي مع السلطات الليبية، لا سيما مذكرة التفاهم الإيطالية الليبية وما ترتب عليها من عرقلة لحركة المغادرة، والتي فاقمت بدورها أوضاع المهاجرين المقيمين في ليبيا عبر هيكلتها للعديد من نماذج الاستغلال التي بات المهاجرون عُرضةً لها.
وتحدد مذكرة التفاهم الإيطالية الليبية أنشطة التعاون بين البلدين والتي يتم تنفيذها بفضل الدعم السياسي والاقتصادي من المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي. وترى المنظمات الموقعة أدناه أن هذا التدخل لم يضع حدًا لانتهاكات حقوق المهاجرين التي تُرتكب في ليبيا، وإنما على العكس هيأ الظروف بشكل غير مباشر لاستمرارها. حتى أن بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق قد أشارت إلى أن هذا العنف يشكل هجومًا منهجيًا وواسع النطاق موجهًا بحق هؤلاء الرعايا، موضحةً أنه «تم التوصل إلى هذا الاستنتاج برغم المسؤولية التي قد تتحملها دول أخرى، الأمر الذي يتعين إجراء المزيد من التحقيقات لتحديد دور جميع المتورطين، بشكل مباشر أو غير مباشر، في هذه الجرائم».[6]
وفي سبيل فهم الديناميكيات التي تؤطر لها مذكرة التفاهم بشكل كامل، ينبغي التمعن في قراءة المادتين الأولى والثانية منها مع الأخذ في الاعتبار علاقتهما المتبادلة. ففي المادة الأولى من مذكرة التفاهم، زودت إيطاليا –بفضل الدعم الاقتصادي والسياسي للمفوضية الأوروبية– السلطات الليبية بالشرعية السياسية وبالأدوات والوسائل الضرورية لمعاونتها في تنفيذ وتنظيم التدابير والإجراءات التي من شأنها التمكن بشكل ممنهج من عرقلة هروب المواطنين الأجانب ومغادرتهم للسواحل الليبية. وفي أعقاب القبض على محاولي الفرار في البحر، أشارت مذكرة التفاهم لنظام الاحتجاز الذي يحرم المواطنين الأجانب بشكل منهجي من حريتهم إلى أجل غير مُسمى. وفي ظل نظام الاحتجاز هذا، سواء في مراكز الاحتجاز الرسمية أو غير الرسمية، تُرتكب الجرائم التي تُعَرِّفها الأمم المتحدة باعتبارها جرائم ضد الإنسانية.
وفي المادة الثانية، تنص مذكرة التفاهم الإيطالية الليبية على «تجهيز وتمويل مراكز الاستقبال/الإيواء»، إلى جانب «دعم المنظمات الدولية العاملة في ليبيا لمواصلة الجهود الرامية لإعادة المهاجرين إلى بلدانهم، بما في ذلك عودتهم الطوعية». وعلى مر السنوات الماضية، منذ 2017 وحتى الآن، تلقت المنظمات الدولية تمويلًا كبيرًا [7] للعمل داخل مراكز الاحتجاز؛ بهدف ضمان تحسين ظروف الاحتجاز، أو تسهيل إجلاء اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي، أو إعادة المواطنين الأجانب إلى بلدانهم الأصلية.
وكما ظهر بجلاء في الحوار الذي أجرته رابطة المهاجرين واللاجئين في ليبيا مع المنظمات الدولية، وكما ذكرت المفوضية (UNHCR) نفسها في بعض المقابلات التي أجريت مؤخرًا، فإن الغاية المستهدفة وهي ضمان أمن المهاجرين وتوفير الظروف الكريمة لهم لم تتحقق أبدًا. كما تم استغلال هذه الغاية من جانب الحكومات، في أكثر من مناسبة، لتبرير سياسات منع المهاجرين وكذلك التأكيد على التعاون المنصوص عليها في المادة الأولى من مذكرة التفاهم.[8]
في الختام، ونظرًا للتطورات والخبرات المتراكمة بمرور الوقت، لا يمكن اعتبار برامج الإعادة إلى الوطن والإجلاء، التي تديرها مفوضية اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة، تدابير مناسبة للتخفيف من المخاطر والأضرار الناجمة عن التمويل الإيطالي للسلطات الليبية. كما أن هذا النهج يهدد بتقويض استقلالية المنظمات الدولية، من خلال إسنادها دورًا ثانويًا تابعًا يأتي في المقام التالي لسياسات مكافحة الهجرة إلى أوروبا. وبالتالي، ينزع عنها حيادها فيما يتعلق بالإشكاليات التي تمت الإشارة إليها فيما سبق، وهو ما يقوض البنية والنظام برمته الذي وضعت معالمه مذكرة التفاهم.
وفي السياق نفسه، تجدر الإشارة إلى أن هذه المنظمات الدولية، وفق هذا النظام، فإنها تلعب دورًا مركزيًا في إدارة برامج الإجلاء، كما تُعد داخل مراكز الاحتجاز من أهم المستفيدين الرئيسيين من المصادر التمويلية. وإلى جانب ذلك، فإنها بمشاركتها في اجتماعات اللجنة المشتركة المعنية بتنفيذ مذكرة التفاهم (المادة 3)، يصبح نشاطها أصيلًا ولا غنى عنه لتحقيق أهداف الاتفاق،[9] رغم فشلها على جميع الأصعدة في ضمان الحقوق الأساسية للأشخاص المعنيين.
لفهم أفضل لحدود هذه الآليات التي يفترض بها ضمان حصول المهاجرين العالقين في ليبيا على حقوقهم، نوضح أدناه نقاط الضعف من الناحية القانونية، وكذلك من الناحية التطبيقية، على أرض الواقع لنظامي الإجلاء من جهة والإعادة إلى الوطن من جهة أخرى. وهو ما يؤكد بوضوح جلي أن مثل هذه الأدوات لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تخفف من سياسات المنع والإعادة القسرية، كما أنها ليست كافية لضمان حصول المواطنين الأجانب على حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في اللجوء.
1) برامج الإجلاء الإنساني (ETM) وإعادة التوطين التابعة للمفوضية السامية لشئون اللاجئين
كما هو معروف، لا يستفيد من برامج الإجلاء سوى عددٍ قليلٍ جدًا من المهاجرين،[10] وذلك بسبب عدم تعاون السلطات الأوروبية في تسهيل إعادة التوطين في أراضيها، إلى جانب أساليب اختيار الأشخاص الذين يمكن إجلاؤهم ونقلهم إلى بلدان أخرى لتوطينهم.
وفي إطار هذه البرامج، بغض النظر عن طلبات الحماية الشخصية التي يتقدم بها الأفراد، يتم استبعاد جنسيات بأكملها من أي اتصال مع مفوضية اللاجئين (UNHCR). وغالبًا ما يتولى حُراس السجن القيام بعملية الاختيار –والتي تتم على أساس الجنسية أيضًا–[11] لانتقاء المرشحين للالتقاء بالمفوضية، والانتقال إلى بلدان عبور أخرى مع إمكانية إعادة توطينهم في المستقبل في البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.[12]
علاوةً على ذلك، من وجهة نظر إجرائية، لا توجد أي سُبل قانونية للطعن في القرارات المتعلقة بالاستبعاد من برامج الإجلاء. وفي كثير من الأحيان لا يتم تسليم نسخة مكتوبة من هذه القرارات للمهاجرين، وفي حالات أخرى لا تذكر هذه القرارات أي أسباب موضوعية. إننا إزاء آلية ذات طابع تساهلي، يتسم فيها التقديم والحصول على حق اللجوء باعتماد مجموعة من الإجراءات التي لا توفر الحد الأدنى من أي ضمانات موضوعية وإجرائية. ورغم أهمية هذا البرنامج كأداة للتدخل الإنساني، إلا أنه لا يُقدم بأي حال من الأحوال نموذجًا صالحًا يقف في مواجهة سياسات منع المهاجرين.
2) برامج المنظمة الدولية للهجرة (OIM) للإعادة الطوعية
رغم حاجتهم الماسة للحماية، إلا أن الرعايا الأجانب الذين ينتمون إلى الجنسيات التي يُستبعد مواطنيها بشكل منهجي من برامج الإجلاء يتم توجيههم –غالبًا من جانب حُراس مراكز الاحتجاز أنفسهم– إلى برامج الإعادة الطوعية إلى أوطانهم. وهكذا يُطلب من الرعايا الأجانب المحتجزين الإعراب عن رضاهم وتأييدهم لإعادتهم إلى أوطانهم، رغم أن المُقرِر الخاص المعنيّ بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية وغير الإنسانية قد لفت الانتباه إلى هذه التدابير في إشارته إلى أن «الاحتجاز، خاصة حينما يستند فقط وحصريًا لوضع المهاجر وحالته، قد يُستغل كسلاح لإجباره على سحب طلب اللجوء، أو قبوله بالعودة الطوعية إلى وطنه».[13]
غالبًا ما تمول الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي –بما فيها إيطاليا– والمفوضية الأوروبية نفسها برامج إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، دون الاتفاق الواضح مع المنظمات الدولية على الالتزامات المتبادلة المنبثقة عن هذا التمويل، بما في ذلك الأنشطة التي ينبغي تنفيذها والاحتياطات التي يتعين اتخاذها لتجنب خطر الإعادة القسرية.[14] ومن شأن غياب الرقابة المسبقة على الأنشطة التي يتعين ممارستها، وعدم المطالبة بتوفير أي ضمانات، وعدم وجود أي إلزام بالشفافية، ودون التحقق المسبق من المخاطر، كل هذا من شأنه أن يعرض الكثير من اللاجئين والنساء والقُصّر لمخاطر الإتجار بالبشر، كما أن إعادتهم لبلادهم الأصلية التي فروا منها قد يعرض حياتهم للخطر.[15]
وكدلالة رمزية، يمكن ملاحظة وضع النساء النيجيريات كضحايا لشبكات الاتجار في البشر؛ فكما يشهد الواقع يتم استبعاد هؤلاء النساء باستمرار من الاستفادة من برامج الإجلاء الإنساني (ETM) وإعادة التوطين، وعلى العكس من ذلك يتم توجيههنَّ نحو برامج الإعادة «الطوعية» إلى الوطن،[16] مع ما يحمله ذلك من عواقب وخيمة على سلامتهن وحياتهن. ويعد هذا مثالًا في غاية الأهمية، إذا أخذنا في الاعتبار أن هؤلاء النساء ضحايا الاتجار بالبشر، إذا تمكنَّ من الوصول إلى أي من بلدان الاتحاد الأوروبي سيُعتبرن مُستحقات للحماية الدولية. وفي مواجهة هذا الوضع، فإن الانضمام إلى برامج الإعادة «الطوعية» إلى الوطن يبدو وكأنه الطريق الوحيد المتاح للسواد الأعظم من المهاجرين؛ للانعتاق من الاحتجاز والاستغلال، والذي يتم اعتماده حتى في الحالات التي تُشكل فيها العودة إلى الوطن خطرًا على سلامتهم، وعلى حماية حقوقهم.
الملاحظات الختامية
في ضوء ما سبق، يمكن التأكيد على النقاط التالية:
- بالنظر إلى ما ترتب عليها من أفعال، فإن مذكرة التفاهم الإيطالية/الليبية تُسهل هيكلة وتأطير نماذج الاستغلال والاستعباد التي يُرتكب في إطارها عنف وانتهاكات بطريقة منهجية تجعلنا إزاء جرائم ضد الإنسانية.
- إن القدرة الفعلية للمنظمات الدولية على حماية المهاجرين وطالبي اللجوء في ظل هذه الأوضاع تُعد محدودة للغاية وتابعة للخيارات التي تعتمدها السلطات الليبية.
- بأي حال من الأحوال، لا يمثل عمل المنظمات الدولية أداة مناسبة لضمان حصول المهاجرين وطالبي اللجوء العالقين في ليبيا على حقوقهم وعلى الحماية الدولية بطريقة واسعة ومعممة، وهو الأمر الذي لا يرجع وحسب إلى محدودية الإمكانيات، بل لبنية وهيكلية البرامج ذاتها، والتي تتسم بغياب أي ضمانات إجرائية للأشخاص الذين يتم استبعادهم من الاستفادة من برامج الإجلاء وإعادة التوطين وغيرها من التدابير ذات الصلة.
- لا يجد معظم المهاجرين حلًا أمامهم إلا قبول ما يسمى ببرامج الإعادة «الطوعية» إلى الوطن؛ للانعتاق من العنف الذي يتعرضون له في ليبيا، رغم أن هذه الاستراتيجية غير كافية إلى حد كبير فيما يتعلق بخطر تعرضهم مرة أخرى، بمجرد عودتهم إلى بلدانهم إلى الاضطهادات نفسها التي فرّوا منها.
وعليه فإننا نطالب:
- الحكومة الإيطالية بالإلغاء الفوري لمذكرة التفاهم، باعتبار ذلك هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق في مواجهة الاستحالة الهيكلية لإدخال تحسينات جذرية على الظروف المعيشية للمهاجرين واللاجئين في ليبيا، وكذلك استحالة ضمان إمكانية حصولهم على الحماية، كما يتضح ذلك من تطورات الوضع الليبي.
- مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، بالإعراب عن تأييدهما لهذا النداء ومطالبتهما بإلغاء مذكرة التفاهم -امتثالًا لتفويضهما الذي يقضي بحماية المواطنين الأجانب الموجودين في ليبيا- لتجنب وتفادي أية احتمالية للربط بين المبادرات الخاصة بهما من جهة، وبين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المنبثقة عن مذكرة التفاهم من جهة أخرى.
الموقعون:
أولا: المؤسسات والمنظمات
- Associazione per gli Studi Giuridici sull’Immigrazione
- Un Ponte Per (UPP)
- ActionAid Italia
- Intersos
- European Center for Constitutional and Human Rights (ECCHR) 6. Emergency Ong Onlus
- Associazione Nazionale Giuristi Democratici
- Fondazione Migrantes
- Centre for Peace Studies
- The Libyan center for freedom of the press
- World Organisation Against Torture (OMCT)
- Cairo Institute for Human Rights Studies (CIHRS)
- Watch The Med – Alarm Phone
- Alarm Phone Sahara
- Avocats sans Frontières Tunisie
- Forum Tunisien pour les Droits Economiques et Sociaux 17. Migreurop
- StateWatch
- Libyan Crimes Watch
- Independent Organization for Human Rights
- Justice to All
- Aman against discrimination
- Defender center for Human Rights
- Global Voices
- Libyan Organization for Independent Media
- BELaady Organization for Human Rights
- Jurists without Chains (JWC)
- A Buon Diritto Onlus APS
- Border Violence Monitoring Network
- Mediterranea Saving Humans
- Progetto Melting Pot Europa
- Medici del Mondo Italia
- UIL – Unione Italiana del Lavoro
- Trama di Terre APS Onlus
- CNCA
- Are You Syrious
- Mosaico azioni per i rifugiati
- RESQ – PEOPLE SAVING PEOPLE
- Campagna LasciateCIEntrare
- Legal Team Italia
- Josoor
- NoName Kitchen
- Baobab Experience
- Mani Rosse Antirazziste
- Le Veglie contro le Morti in Mare
- Associazione Naga – Organizzazione di volontariato per l’Assistenza Socio – Sanitaria e per i Diritti di Cittadini Stranieri, Rom e Sinti
- Carovane Migranti
- Red Solidaria de Acogida Madrid
- Solidaunia-La Daunia Per Il Mondo Odv
- Cestim centro studi immigrazione
- Associazione Don Vincenzo Matrangolo
- Dipende da Noi
- Comitato Antirazzista “5 Luglio” Fermo
- Casa del Popolo FERMO
- Origens ETS
- Mesagne Bene Comune
- Gruppo Educhiamoci alla Pace ODV BARI
- AMIS ONLUS – Associazione Mediatori Interculturali Salento 59. Comitato per la Pace – Bari
- APS Giraffa onlus
- Centro studi Alfredo Reichlin
- GRUPPO LAVORO RIFUGIATI ONLUS
- Squola senza confini – Penny Wirton Bari – OdV
- Convochiamoci per Bari
- Libera (Puglia)
- Gris Marche
- Senza confini odv
- Associazione Rumori Sinistri ODV
- Associazione No Border APS
- Associazione Arci Todo Cambia APS
- Associazione Periplo ODV
- Cidas Cooperativa sociale
- Acli Milano Monza e Brianza aps
- Associazione Deposito Dei Segni Onlus
- ANPI Chioggia
- Asinichevolano Aps
- Mare Memória Viva
- Auser Montesilvano APS
- Associazione di volontariato Ohana
- Associazione “Leggere per…”
- Comitato Fermiamo la guerra Firenze
- Casa Simonetta
- Donne in Nero, Napoli
- Refugees Welcome Genova
- Rete Antirazzista Catanese
- Arci servizio civile Vicenza
- Biblioteca delle Donne Bruzie
- Oltre il Ponte APS ETS
- Associazione Culturale Ricreativa A. Gramsci (ACRAG) 90. FONDAZIONE CAV. GUIDO GINI ONLUS
- Organizzazione di Volontariato Casa di Amadou
- ASSOCIAZIONE ESODO
- Lungo la Rotta Balcanica – Along the Balkan Route
- Tavolo Comunità Accoglienti- Venezia
- Digiuno di Giustizia in Solidarietà con i Migranti- Bari
- C.I.S.M. Spinea ODV (Coordinamento Immigrati del Sud del Mondo)
ثانيًا: توقيعات الأفراد
- Cassarino Jean-Pierre
- Roberto Giancarlo Di Cagno
- Isa Zizza
- Stefano Pasta
- Ruggiero Francavilla
- Maria Matarazzo
- Agostino Cinquepalmi
- Marzia Pontone
- Ibrahim Muhammad Mukhtar Esq.
- Avvocato Gianluca Vitale
- Fumagalli Amalia
- Salah El-Marghani
- Paolini Monica
- Bongrazio Maria Grazia
- Cirillo Vanessa
- Decina Silvia
- Achelaritei Dorina
- Bertoli Fabrizio
- Tondo Giorgio
- Contegiacomo Caterina
- Ianniello Caterina
- Santovito Pietro
- Giampaoletti Marcello
- Mattone Fantini Riccardo
- Roberto Pollo
- Serena Sardi
- Rodelli Caterina
- Patrizia Iansa
- Lidia Parma
- Iuorio Aurora
- Marco Giunti
- Tonini Alberto
- John Mpaliza
- Moroni Sheyla
- Petrolati Emanuela
- Erminia Romano
- Giorgia Palombi
- Cinthia Grossi
- Sonia Inzoli
- Rafanelli Paola
- Rosita Russo
- Susanna Poole
- Neri Cristina
- Kola Ermira
- Simonato Micol
- Zanella Mauro Carlo
- Luca Trivellone
- Di Bonaventura Emanuele
- Valeria Rigotti
- Molteni Olivia
- Emanuela Tagliabue
- Pietropoli Antonella
- Peruffo Beatrice
- Dal Lago Giuseppina
- Marlène Micheloni
- Ginevra Battistini
- Rebeggiani Silvia
- Valentina Dovigo
- Greta Orsenigo
- Privitera Manuela
- Suriano Gabriele
- Picotti Stefano
- Cazzavillan Anna
- Adami Valentina
- Lucia Tomba
- Ortolan Giuliana
- Noemi Filosi
- Consoli Corrado
- Andrea Corso
- Consolaro Paolo
- Volonté Cecilia
- Marrone Irene
- Johanès Si Mohand
- Rugle, Karolina
- Virtù Caterina
- Antonino Stinà
- Eriselda Shkopi
وبداية من اليوم، 2 فبراير 2022، من الممكن الانضمام بالتوقيع لهذا النداء من خلال تعبئة هذه الاستمارة:
بالنسبة للمؤسسات والمنظمات: https://forms.gle/1qmmBW5o8Ya64HvNA
بالنسبة للأفراد: https://forms.gle/E4q3eZ82k8cVTS8VA
[1] https://www.editorialedomani.it/politica/mondo/il-governo-libico-guida-i-massacri-nei-centri-di-detenzione-di-tripoli-lpr6z8zn
[2] انظر محضر الاجتماع هنا: https://docs.google.com/document/d/1Bh2zh6Jl_y6wsXYkj5xRtVQVEJ2j4fat/edit
والتحديثات هنا https://twitter.com/RefugeesinLibya
[3] https://ilmanifesto.it/cavalieri-unhcr-in-libia-sempre-piu-difficile-proteggere-i-rifugiati/
[4] https://reliefweb.int/report/libya/report-independent-fact-finding-mission-libya-ahrc4883-enar
[5] يمكن الرجوع لتقرير بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) والذي حمل عنوان: «اليأس والخطورة: تقرير حول أوضاع حقوق الإنسان للمهاجرين واللاجئين في ليبيا» (Desperate and Dangerous: Report on the human rights situation of migrants and refugees in Libya)، والصادر بتاريخ 18 ديسمبر 2018، والمتوفر على هذا الرابط LibyaMigrationReport.pdf (ohchr.org)
وانظر كذلك:Arezo Malakuti (2019). The Political Economy of Migrant Detention in Libya: Understanding the players and the business models, at 34.
المتوفر هنا:migrant_detention_libya_-_final_report.pdf (europa.eu)
وانظر كذلك: Implementation of resolution 2491 (2019) Report of the Secretary-General المتوفر هنا:
https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/S_2020_275_E_0.pdf.
[6] تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا، ص. 17 «يقدم ما سبق أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن أعمال القتل والاسترقاق والتعذيب والسجن والاغتصاب والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية المرتكبة بحق المهاجرين تشكل جزءً من هجوم منهجي وواسع النطاق موجه ضد هؤلاء الرعايا، لتعزيز سياسة الدولة. وعلى هذا النحو، فقد تصل هذه الأعمال حد الجرائم ضد الإنسانية. وتم التوصل إلى هذا الاستنتاج على الرغم من المسئولية التي قد تتحملها دول أخرى، ويتعين إجراء مزيد من التحقيقات لتحديد دور جميع المتورطين، بشكل مباشر أو غير مباشر، في هذه الجرائم». https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/A-HRC-48-83-AUV-EN.pd
[7] https://sciabacaoruka.asgi.it/scheda-attivita-organizzazioni-internazionali-in-libia-fondi-italiani/
[8] وفي هذا الصدد، من المفيد الإحالة إلى القرار رقم 4569/2020 الصادر عن مجلس الدولة والذي اعتبر برامج الإعادة الطوعية والإجلاء التي تديرها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة تدبيرًا مناسبًا لموازنة المخاطر والأضرار الناجمة عن التمويل الإيطالي للسلطات الليبية بهدف عرقلة طريق الهجرة في وسط البحر الأبيض المتوسط، وذلك على وجه التحديد لأنها تعتبر قادرة على تحسين الظروف المعيشية للمهاجرين في ليبيا بشكل كبير.
[9] من بين أمور أخرى، تجدر الإشارة إلى أن المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية لشئون اللاجئين «أكدتا على دعمهما للسلطات الليبية لتحسين ظروف الاستقبال والإيواء في المراكز ومواءمتها التدريجية مع المعايير الدولية». للاطلاع على البيان الصحفي لأحد الاجتماعات ذات الصلة انظر
https://www.interno.gov.it/it/stampa-e-comunicazione/comunicati-stampa/comunicati-stampa-raccolta-anni-precedenti/incontro-viminale-comitato-misto-italo-libico-presieduto-dal-ministro-minniti
[10] «منذ نوفمبر2017، غادر ليبيا 6388 لاجئًا وطالب لجوء، إما عن طريق إعادة التوطين (1747 منذ عام 2017) أو عمليات الإجلاء الإنسانية (4641 منذ عام 2017، بما في ذلك 3318 إلى النيجر، و808 إلى إيطاليا، و515 إلى رواندا)». صحيفة وقائع صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين بشأن ليبيا، مايو 2021، متوفرة على
https://reporting.unhcr.org/sites/default/files/Libya٪20Factsheet-July٪202021.pdf
[11] ويبدو أن المواطنين من جنسيات بعينها هم وحدهم من يتمكنون من الاستفادة من برنامج ETM،
انظر: https://www.amnesty.org/en/documents/mde19/7561/2017/en/، وأيضًا: https://www.refworld.org/pdfid/5f1edee24.pdf
[12] https://www.asgi.it/33638-2
[13]مجلس حقوق الإنسان، تقرير عن المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة صادر تحت الرقم التسلسلي A/HRC/37/50 بتاريخ 28/02/2018
[14]https://sciabacaoruka.asgi.it/wp-content/uploads/2020/01/Microsoft-Word-scheda-accessi-OI-finale.docx.pdf
[15] https://it.euronews.com/2020/06/26/per-i-migranti-eritrei-in-libia-il-programma-di-rimpatrio-volontario-ue-non-e-poi-cosi-vol
[16] كما أن حالة النساء ضحايا شبكات الاتجار في البشر لها دلالتها بسبب العوائق التي تحول بينهنّ وبين التعبير عن موافقتهن ورضاهن بحرية، بالنظر إلى حالة الخضوع والتبعية التي يتعرضن لها.
Share this Post