الأعمال الانتقامية بحق الحقوقيين المصريين لن تثنيهم عن متابعة فضح الانتهاكات والممارسات الاستبدادية
تدين المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه الحملة الأمنية والإعلامية المتصاعدة التي تشنها الأجهزة الأمنية ضد المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان المحامي جمال عيد، وذلك ضمن حملة أوسع تستهدف العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية المصرية في الآونة الأخيرة. وتخشى المنظمات أن تكون المستجدات الأخيرة لهذه الحملة ضد عيد، مقدمة للقبض عليه أو ملاحقته قضائيًا عقابًا له على عمله الحقوقي ومساعي الشبكة العربية المستمرة لدعم حرية الراي والتعبير وحرية الإعلام والدفاع عن ضحايا انتهاكات هذه الحقوق بالرصد والتوثيق.
يتعرض المحامي الحقوقي جمال عيد (٥٦ عامًا) لحملات إعلامية وإلكترونية شرسة مُنظمة واسعة النطاق، وٌجهت ضده من قبل منصات إعلامية وإلكترونية تحمل رسالة واحدة مفاداها أن وزارة الداخلية تدرس اتخاذ إجراءات قانونية ضده بعد نشره معلومات – وصُفت بالمغلوطة- حول أوضاع أماكن الاحتجاز في مصر. هذا بالإضافة إلى الهجوم المستمر على شخصه من منصات إعلامية مقروءة ومسموعة، مملوكة لرجال أعمال مقربين للنظام أو تابعة لشركة إعلام المصريين وثيقة الصلة بجهاز المخابرات العامة، دأبت على اتهامه بـ الاستغلال السياسي لانتشار فيروس كورونا للهجوم على السلطات المصرية، واتهامه بنشر معلومات خاطئة عن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، ووصفه بالبلطجة والسعي للشهرة والتكسب المادي من عمله الحقوقي، فضلًا عن التشكيك في ذمته المالية.
يأتي هذا بالتوازي مع تحريك بعض الأشخاص بلاغات ضده للنائب العام تتهمه بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين (المصنفة من الحكومة المصرية كجماعة إرهابية)، وهي التهمة المكررة التي اعتادت الأجهزة الأمنية توجيها مؤخرًا للجميع دون أدني تصنيف أو معيار. الأمر الذي قد يعد مؤشرًا لاحتمالية ضم “جمال عيد” لأحد القضايا العديدة التي استحدثت مؤخرًا، وجمع بين كل المتهمين فيها- على اختلاف انتمائهم ومجالات عملهم ومحل اقامتهم- اشتراكهم في هذه التهمة.
هذه الهجمات الأخيرة جاءت بعد سلسة اعتداءات على جمال عيد خلال السنوات الماضية اتخذت أشكال عدة. بداية من تجميد أمواله ومنعه من السفر عام 2016 على ذمة التحقيق في القضية ١٧٣ لسنة ٢٠١١ والمعروفة بقضية “الانتقام من المنظمات الحقوقية”، مروراً بالاعتداء عليه بدنيًا أربع مرات في أقل من 3 أشهر. ففي أكتوبر 2019 سُرقت سيارته، وفي الشهر نفسه تعرض لمحاولة اختطاف وتعدي بالضرب المبرح في أحد الشوارع المؤدية لمنزله، مما أدى لكسور وكدمات متفرقة في أضلعه. وقبل انقضاء الشهر نفسه اعترض طريقه مجهولين هشموا زجاج السيارة التي كان يستقلها عوضًا عن سيارته المسروقة. وفي ٢٩ ديسمبر تعرض للضرب والطرح أرضًا أمام منزله من أفراد أمن كان يقلون 3 سيارات وأمرهم ضابط أمن وطني – يعرفه جمال – بإغراقه بالدهانات، في محاولة للسخرية منه.
إن ما يتعرض له الحقوقي “جمال عيد” يعد جزء من حملة أوسع ضد المنظمات الحقوقية في مصر والمدافعين عن حقوق الإنسان، بدأت منذ تولي الرئيس الحالي لمقاليد الحكم، وارتفعت وتيرتها على نحو غير مسبوق خلال العام الماضي. إذ ألقت السلطات القبض على عشرات الحقوقيين والعاملين في مختلف المنظمات المصرية، مثل المحامي الحقوقي محمد الباقر مدير مركز عدالة للحقوق والحريات، والمحامي بالشبكة العربية عمرو إمام، والباحث الحقوقي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية باتريك جورج زكي، والباحث العمراني ابراهيم عز الدين بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، والناشط القبطي رامي كامل مؤسس ومدير مؤسسة شباب ماسبيرو للتنمية وحقوق الإنسان. فضلاً عن المحامية الحقوقية ماهينور المصري، والناشطة الحقوقية إسراء عبد الفتاح، والحقوقي علاء عبد الفتاح و زياد العليمي، وآخرين. هذا بالإضافة إلى الملاحقات القضائية والأحكام الغيابية الصادرة بحق بعض الحقوقيين، أحدثها الحكم الغيابي بحبس مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان بهي الدين حسن 3 سنوات وغرامة 20 ألف جنيه، عقابًا له على رأي أبداه على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، فضلاً عن قرارات منع السفر والتحفظ على الأموال التي صدرت بحق عدد من الحقوقيين خلال الأعوام الثلاثة الماضية. والحملات الإعلامية الشرسة التي تصل في بعض الأحيان حد التحريض على القتل، وحملات الوصم والتشهير والاتهامات المستمرة للحقوقيين بالعمالة والخيانة.
المنظمات الموقعة على هذا البيان تؤكد تضامنها الكامل مع الحقوقي جمال عيد وجميع المدافعين عن حقوق الإنسان ممن يواجهون حملات قمع غير مسبوقة من قبل السلطات المصرية في محاولة غير مجدية لإثنائهم عن واجبهم ودورهم في الدفاع عن حقوق الإنسان ورصد وتوثيق الانتهاكات وحماية الضحايا وفضح الممارسات الاستبدادية القمعية المنافية للدستور والمتعارضة مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز النديم
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- بلادي للحقوق والحريات
- مبادرة الحرية
- كوميتي فور جستس
Share this Post