قدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في مطلع مايو الجاري مذكرة إلى مكتب الأمين العام بالأمم المتحدة حول الأعمال الانتقامية المرتكبة بحق المتعاونين مع آليات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، مركزًا على أعمال الترهيب والتنكيل والتشهير بالمدافعين عن حقوق الإنسان في المنطقة العربية كأدوات لإسكات المجتمع المدني، بالتركيز على مصر وليبيا وسوريا واليمن وفلسطين، في الفترة بين يونية 2019 وحتى نهاية أبريل 2020.
يقول بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أنه: “من الأهمية بمكان وضع حد لإفلات الدول من العقاب على جرائم الترهيب وغيرها من الأعمال الانتقامية بحق المدافعين عن حقوق الإنسان.” ويضيف مشددًا: “على الدول الأعضاء بذل كل ما في وسعها لتعزيز النهوض بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، لا سيما في ضوء ما تكشف عنه هذه المذكرة، إلى جانب التقرير العالمي الذي سيصدره الأمين العام، من أن الدول الأعضاء فشلت في الوفاء بهذا الالتزام.”
هذه المذكرة التي جاءت نتاج تعاون مثمر وتواصل مع عدد من المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان من جميع أنحاء المنطقة عكست، في مصر، نمط منهجي متكرر لعمليات الانتقام القاسية الموجهة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب تعاونهم مع الأمم المتحدة، سواء مع المقررين الخواص الأمميين المعنيين بحقوق معينة (ولايات الإجراءات الخاصة)، أو مع أثناء عملية الاستعراض الدوري الشامل لملف حقوق الإنسان المصري أمام الأمم المتحدة في نوفمبر 2019 وحتى مارس 2020. بينما ركزت، بخصوص فلسطين، على ما ورد مؤخرًا في مذكرة مشتركة بين منظمة الحق ومنظمة الميزان حول الأعمال الانتقامية ضد المجتمع المدني بهدف الحفاظ على نظام الفصل العنصري الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني. إذ سعت الحكومة الإسرائيلية إلى تقويض المنظمات الفلسطينية من خلال مساواة عملها في مجال حقوق الإنسان بالإرهاب، بدلاً من الرد على تقارير انتهاكات حقوق الإنسان المرفوعة لآليات الأمم المتحدة.
أما في ليبيا واليمن وسوريا، فتركز المذكرة على سبل تكميم أفواه المدافعين عن حقوق الإنسان، من خلال مجموعة من الأساليب القمعية بداية من التهديد والترهيب وصولاً إلى الاعتقال التعسفي.
جدير بالذكر، أن مكتب الأمين العام المساعد لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة يصدر بدوره تقارير سنوية حول الأعمال الانتقامية بحق المتعاونين مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان. وفي تقرير أغسطس 2019، أعلن الأمين العام أن ثمة تصاعدًا عالميًا لهذه الأعمال الانتقامية، مؤكدًا أن “هذه الأفعال غير مقبولة على الإطلاق. وأن شركائنا لا غنى عنهم، وعلينا جميعا أن نفعل المزيد لحماية وتعزيز حقهم الأساسي في العمل مع الأمم المتحدة.”
عرّف مجلس حقوق الإنسان الأعمال الانتقامية في القرارات 12/2، 24/24 و 36/21، بأنها “أعمال الترهيب أو الانتقام ضد: (أ) من التمسوا التعاون أو تعاونوا مع الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الإنسان، أو الذين قدموا شهادات أو معلومات إلى أي من هؤلاء؛ (ب) من يستفيدون أو من استفادوا بالفعل من الإجراءات المؤسسة برعاية الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وجميع الذين قدموا لهم مساعدة قانونية أو مساعدة أخرى لهذا الغرض؛ (ج) يقدمون أو قاموا بالفعل بتقديم اتصالات بموجب الإجراءات المنصوص عليها في صكوك حقوق الإنسان، وجميع الذين قدموا لهم مساعدة قانونية أو مساعدة أخرى لهذا الغرض؛ (د) أقارب ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان أو أولئك الذين قدموا المساعدة القانونية، أو غيرها من أشكال المساعدة، للضحايا.”
Share this Post